عندما أشير عادة إلى أن الظلاميين الغارقين في مستنقعات التطرف الديني أعداء للبشرية جمعاء، ولا يمكن أن تستقر دولة على وجه هذا الكوكب وتنعم بالأمان في ظل وجودهم ضمن مواطنيها، يخرج من يعارض طرحي، ضارباً مثالاً على ذلك بالمجتمع البريطاني الذي يستقبل هؤلاء كلاجئين، ويمنحهم الحقوق كافة، ويتناسى هذا المعارض أن بريطانيا بيسارها ويمينها تدفع اليوم الثمن غالياً من جراء هذه السياسة، بل وباتت تبحث جدياً عن إقرار تشريعات وقوانين للتعامل مع هؤلاء خارج إطار الدستور، ولا يمكن أن ننسى كيف انفجر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بعبارته الشهيرة «لاتحدثوني عن الديموقراطية وحقوق الإنسان حين يتعلق الأمر بالأمن القومي». خطر الظلاميين هو من دفع كاميرون للوقوف أمام مجلس العموم البريطاني ليقول: «لدينا مشكلة حقيقية حين يتعلق الأمر بأجانب يقيمون بيننا ويهددون أمننا، لقد كنا اتخذنا في بريطانيا كل الإجراءات العادلة في معاملتهم، ملتزمين بالاتفاقات الدولية كافة، حتى أصبحت محاكمنا عاجزة حالياً عن اتخاذ قرار بترحيلهم، الناس الآن يتساءلون عما إذا كانت هذه الإجراءات معقولة حقاً؟ المشكلة اليوم أنك قد تنتهي لقناعة بأن ثمة شخصاً لديه الحق في العيش في بلدك. شخص تقتنع ولديك كل الأسباب لتقتنع بأن وجوده يلحق الأذى ببلدك، لكن لديك قوانين وظروفاً لا تسمح لك بمحاكمته ولا احتجازه ولا ترحيله، النتيجة أننا وجدنا أنفسنا غير قادرين على القيام بواجبنا في حماية المواطنين البريطانيين الملتزمين بالقانون. ولذلك، علينا العمل لإيجاد حل لهذه المعضلة، إن مفهوم حقوق الإنسان بسبب هؤلاء في خطر أن يشوّه، وكثيرون يعتقدون أنه يمكن أن ينزلق من شيء نبيل إلى شيء فقد صدقيته». ما سبق دليل على أن الواقع يثبت يوماً بعد يوم أن النظريات الحقوقية المثالية وقوانين حقوق الإنسان حول العالم قد تتحول إلى أداة في يد الظلامي والمتطرف، لنسف الأوطان وتدمير المجتمعات، وإيذاء المواطنين الأبرياء الذين يُفترض أن تحميهم الحكومات في مواجهة قوى التطرف والإرهاب أياً كان نوعه. نحن في العالم العربي معنيون تماماً بهذه القضية، ذلك لأن قوى التطرف تسرح وتمرح في مجتمعاتنا باسم الدين والمحافظة والاحتساب منتهكة حقوق وحريات الناس من دون مسوغ نظامي أو قانوني، ومن غير المعقول اعتبار هذا من حقهم، بسبب وجود فئات تدعو لهم، وتعتبرهم أهل صلاح وإصلاح، وما إلى ذلك من مسميات براقة لا علاقة لهم بها في الواقع. قبل أيام طالب أحد من يوصفون ب«المطاوعة» عبر «تويتر» بأن يتدخل من يصفهم ب«الدرباوية» لعمل اللازم في شوارع السعودية مع أية امرأة تفكر في أن تقود سيارتها، و«عمل اللازم» هذا كما يُفهم من سياق التغريدات يشمل «المضايقة والتحرش وقد يصل إلى الاغتصاب». أي أنه يحرض على ارتكاب جرائم جنائية باسم «المحافظة والدين»، وهو ليس الأول ولا الأخير من فئة الظلاميين الذين يدعون لذلك، فهل هناك أخطر على أمن البلاد والعباد من هؤلاء «المطاوعة الدرباوية»؟ الإجابة متروكة لضمائركم. [email protected] @Hani_Dh