عصفور في قفص. سماء زرقاء وحرية. شاشة تلفزيون، وخبر غرق طفلة في نهر عميق وطفل يسأل والده الغوص في الشاشة لانتشال الطفلة من الغرق. امرأة تعانق حمامة بيضاء تنشد السلام. أرض تحدق إلى المرآة لتتأمل جمالها وتطلق المديح على نفسها بكل تواضع «آه ما أجملني أنا الأرض!». أفكار رسمها أطفال مشاركون في معرض «أطفالنا يحلمون» الذي ينظمه «محترف أبريق الزيت» ويستمر حتى 27 الجاري، عن التعلم واللعب والحرية والسلام والعيش في بيئة نظيفة وحقهم بوجود عائلة. رسم الأطفال (6 الى 15 سنة) احلامهم وعبروا عنها بطريقة مبدعة مبتكرة في 33 لوحة لونت بألوان الربيع من مختلف المدارس والجمعيات وأطفال اللاجئين الفلسطينيين والسوريين في بيروت. بالفن والتعبير استطاع الأطفال رسم عالمهم الخاص وعرض لمحة عن عالمهم الكبير وما يجري من حولهم بأسلوب فني مبسط. كل لوحة تلامس جانباً معيناً وجزءاً خاصاً من كل طفل، كما انها قد تكون نتاج الاصغاء الى حكاية ما تولّد أفكاراً جديدة. تنمية الوعي والمعرفة لدى الطفل، خصوصاً في ما يتعلق بحقوقه وتعزيز قدراته من خلال حضه على التعبير عن نفسه واكتشاف اهتماماته الفنية والثقافية وتنمية روح العمل الجماعي والتعاون، هي أهم أهداف المعرض وفق تالا الزين المسؤولة الاعلامية في محترف أبريق الزيت، لافتة الى «اننا في تحدٍ دائم مع خيال الاطفال الذي يفاجئنا كل مرة ويقدم لنا ما لم نكن نتوقعه». لم يقتصر المعرض على رسوم للاطفال بل تخلله قراءة وكتابة ورسم الحكايات وتعليم فن الاوريغامي (صناعة اشكال من ورق) بطرق غير تقليدية مع رنا زيد وعلي زريق والممثلة رولا حمادة. تقول رنا: «مع كل قصة نتلوها على الاطفال، نكتشف قصة اخرى عن حياة طفل»، مشيرة الى ان قراءة القصص للاطفال تحفز خيالهم لرسم لوحة او حتى كتابة قصة. وهذا ما حصل مع احدى الفتيات التي حرمتها ظروف اهلها المادية من الذهاب الى المدرسة كبقية أقرانها، وكانت تلح على والدتها بتسجيلها فما كان من الأخيرة إلا ان وعدتها بذلك. وفي اليوم التالي استيقظت الفتاة باكراً للذهاب الى المدرسة لكن والدتها تجاهلت الموضوع ونسيته، فشعرت بخيبة كبيرة تغمر قلبها الصغير. وكان هذا موضوع قصة الطفلة التي كتبتها في محترف «أبريق الزيت». ماذا تعني لكم القرية؟ سؤال طرحته الممثلة رولا حمادة على الأطفال في فقرة «حكواتي» لتحفز مخيلاتهم قبل قراءة قصتها. «القرية هي بيت أهلي من زمان» اجابة مبتكرة من أحد الأطفال كانت كافية ومشجعة للبقية للإدلاء بدلوهم في وضع حبكة لقصة من مخيلاتهم. اما مدى خضر (6 سنوات) فقد دفعها حبها لقراءة القصص وتأثرها ببعض شخصياتها إلى ان تطلق العنان لمخيلتها لترسمهم على طريقتها الخاصة وتزين لوحتها معرض «اطفالنا يحلمون». وواضح أن تردد الأطفال على «محترف أبريق الزيت» ساهم الى حد كبير في حل مشكلة يعانيها عدد كبير من الأهالي وهي «عدم قراءة القصص ورفض التحدث باللغة العربية»، كما تقول السيدة سناء ناجي، مشيرة الى أن المحترف ساعد أولادها على توسيع مخيلاتهم والتعبير عن انفسهم بحرية، وشجعهم على القراءة والكتابة باللغة العربية بعدما كانوا يرفضون استخدامها ويفضلون اللغة الانكليزية.