وصف وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد الجاسر سوق العمل السعودية بأنها «تعاني من التشرذم غير الصحي»، مشيراً إلى أن «القطاع الحكومي يستوعب غالبية القوى العاملة الوطنية بأجور لا تعكس الإنتاجية». وقال الجاسر في كلمة ألقاها أمس خلال مؤتمر مشاريع التجهيزات الأساسية الكبرى في المملكة الذي عقد في الرياض، إن «القطاع الخاص يعمل فيه المواطنون الذكور بأجور عالية نسبياً ووتيرة تنقل مرتفعة بين مؤسسات القطاع، كما أنه يوظف الوافدين ويغلب عليه تدني مستوى المهارات وتدني الأجور وانخفاض وتيرة الانتقال بين مؤسسات القطاع، كما تعمل فيه المرأة بمعدلات مشاركة متدنية جداً». وشدد الجاسر على أننا «في حاجة إلى إنشاء صناعات تساعدنا في التنافس على المستوى العالمي خلال العقود القليلة المقبلة، وجذب الشركات ذات الرسملة المتوسطة، خصوصاً من الدول المتقدمة، لأن الصفات التي تتمتع بها من الديناميكية العالية، ومعدل استيعابها المرتفع للعمالة، وقدرتها على نقل المعرفة، هي التي يحتاج إليها اقتصادنا في الوقت الراهن». واعتبر أن «الإعانات وبخاصة عندما تعطى لغير المستحقين تحدث تشوهات كبيرة في الاقتصاد، وفي الأعوام الأخيرة أصبحت كلفتها على الاقتصاد من حيث كفاءة توزيع مواردنا الاقتصادية عالية جداً ولا يمكن تجاهلها، ونحن ندرك ذلك تماماً، ونسعى إلى معالجتها بحرص وعناية وبطريقة متزنة». وأكد أن التحدي الأكبر الذي يواجه المملكة «يكمن في رفع مستوى إنتاجيتنا، فمن دون أن نرفع مستوى إنتاجيتنا كمجتمع فلن يكون بوسعنا إنشاء صناعات قادرة على التنافس عالمياً والإسهام في تنويع قاعدتنا الاقتصادية، وما لم تكن لدينا عمالة سعودية أكثر إنتاجية فلن نستطيع تنفيذ الإصلاحات اللازمة لإنشاء سوق عمل أكثر كفاءة، وهذا هو ما يجعل تحسين الإنتاجية المبدأ الذي يشغل بالنا خلال مناقشة سياساتنا الهيكلية». وأشار الجاسر إلى أن «رفع مستوى الإنتاجية ليس خياراً بل ضرورة، وذلك لسببين مهمين، السبب الأول يتمثل في النافذة الديموغرافية التي نشهدها الآن، فالسكان السعوديون في سن العمل (15 إلى 64 عاماً) يشكلون حالياً 61 في المئة من إجمالي السكان السعوديين، أي أكثر من حجم الفئات العمرية الأخرى، وعندما يكون الجزء الأكثر إنتاجية من السكان غير مثقل بعبء دعم شريحة أكبر من الأطفال والمسنين فإن النمو الاقتصادي يمكن أن يتسارع، وإذ لم تتم الاستفادة من هذه الحالة الديموغرافية التي لا تحدث كثيراً في تاريخ الدول، فإنها قد تتحول إلى عائق كبير للنمو». وأضاف: «أما السبب الثاني فهو أننا نعيش حالياً في قرية كونية، وذلك كان أحد الدروس الأكثر أهمية المستخلصة من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة عام 2008»، مشيراً إلى أن الاقتصاد العالمي الحالي على درجة عالية من العولمة لا يقوى على مواكبته والاستمرار فيه سوى الاقتصادات القادرة على المنافسة عالمياً، فالمملكة بوصفها الاقتصاد الأكبر في المنطقة وبصفتها عضواً مؤسساً ونشطاً في مجموعة العشرين، تريد أن تظل لاعباً رئيساً على الساحة الدولية، ولن نسمح بأن ننكفئ على أنفسنا أو أن يتم تهميشنا، إذ إن ذلك يتعارض مع مصالحنا على المدى البعيد». وذكر وزير الاقتصاد والتخطيط أن خطة التنمية التاسعة خصصت 1.4 تريليون ريال لتمويل المشاريع الرأسمالية، بزيادة 67 في المئة مقارنة بخطة التنمية الثامنة، «بسبب استمرار الإنفاق الحكومي المتنامي على المشاريع، ويتمثل التحدي الماثل أمامنا في كيفية ضمان كفاءة هذه النفقات. من جانبه، طالب نائب الأمين العام لهيئة المهندسين السعوديين المهندس إبراهيم الضبيعي بإعطاء المهندسين السعوديين فرصة للعمل في المشاريع الكبرى التي يتم تنفيذها في المملكة منذ التخطيط للمشروع حتى مرحلة التشغيل والصيانة، مشيراً إلى أن المشاريع التي تم اعتمادها خلال العام الحالي 2013 تتجاوز 300 بليون ريال، وتغطي جميع جوانب البنية التحتية مثل النقل والسكك الحديد والطيران المدني والصحة والتربية والتعليم والخدمات الاجتماعية. ولفت إلى أنه يوجد مهندسان سعوديان فقط في مقابل 8 مهندسين أجانب يعملون في القطاعات الحكومية والخاصة، ويشير آخر إحصاء للهيئة إلى أنه يوجد في المملكة 170 ألف مهندس، منهم 30 ألف سعودي فقط.