شيعت القاهرة أمس، جثمان مغنية الأوبرا رتيبة الحفني العميدة السابقة لمعهد الموسيقى العربية في القاهرة وأول رئيسة لدار الأوبرا المصرية بعد إعادة افتتاحها عام 1988. وشارك في وداعها، فنانو الدار والعاملون فيها، على رأسهم وزير الثقافة المصري صابر عرب، وإيناس عبدالدايم رئيسة دار الأوبرا وعدد من الفنانين منهم هاني مهنا ونصير شما الذي بدا عليهما التأثر الشديد، والمطرب خالد سليم الذي اعترف بفضل الحفني عليه وتقديمه في مهرجان الموسيقي العربية الذي كانت تديره إلى جانب مطربين كبار. وحضرت التشييع المطربة غادة رجب التي راحت تغالب دموعها، فيما اعتبرها المطرب أحمد إبراهيم بمثابة الأم التي دعمته فنياً. وأصدرت دار الأوبرا بياناً نعت فيه الحفني معلنة عن تعليق حفلاتها ونشاطاتها لثلاثة أيام، حداداً على الراحلة، معلنة عن الاستعداد لإقامة احتفالية ضخمة تكريماً لمشوارها الطويل. ولدت الحفني في عام 1931، وأجادت عزف البيانو منذ سن الخامسة ودرست الموسيقى في ألمانيا التي درس فيها أيضاً والدها الدكتور محمود أحمد الحفني مؤلف عشرات الكتب في الموسيقى، إضافة إلى ترجماته لأشهر العروض الأوبرالية العالمية. وبعد عودتها من ألمانيا شاركت بالغناء في «أوبريت الأرملة الطروب» في عام 1961. كما لعبت دور البطولة في «أوبرا عايدة»، ثم أسست مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية منذ بداية التسعينات، كما تولت رئاسة المجمع العربي للموسيقى التابع لجامعة الدول العربية. ونالت الفنانة الراحلة جائزة الدولة التقديرية في الفنون من مصر في عام 2004. عاشت الحفني في أروقة دار الأوبرا المصرية ومسارحها أكثر مما عاشت في منزلها، كما أسرّ زملاؤها ل «الحياة». وقد عُرفت بمواقفها الصريحة والحادة لمصلحة التطوّر الموسيقي. وخاضت معارك عدة في حياتها وطاولتها سهام الاتهامات بالانحياز للموسيقى الأوبرالية التي تنتمي إليها وإهمال الموسيقى العربية، على رغم أنها ظلت لسنوات تقدم برنامجاً شهيراً في عنوان «الموسيقى العربية» على شاشة التلفزيون المصري، ساهم في تكوين ثقافة موسيقية للجمهور المصري العادي وتربى عليه كثير من الشباب الموسيقيين. وفي السنوات الأخيرة، أثارت الحفني موضوع الاعتماد على الأسماء نفسها من الفنانين مثل هاني شاكر وعلي الحجار ومدحت صالح والمغربي فؤاد زبادي، للمشاركة في مهرجان الموسيقى العربية، معترضة على تجاهل النجوم التي تملأ عالم الغناء شهرة. وكوّنت «سيّدة الأوبرا» مجموعة الحفني لتقديم الموسيقى العربية التراثية تخليداً لذكرى والدها. وعلى هداه كتبت مؤلفات عدة أهمها «الصولفيج» و«محمد عبدالوهاب... حياته وفنّه»، و«محمد القصبجي... الموسيقي العاشق»، «السلطانة منيرة المهدية... والغناء في مصر قبلها وفي زمانها»، و«أم كلثوم».