أعربت موسكو أمس رفضها الحازم لمشروع قرار غربي في مجلس الأمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الدعوات الغربية تعكس «عدم فهم» لاتفاق موسكو وواشنطن في شأن الترسانة الكيماوية السورية، في حين دعت أوساط سياسية وإعلامية إلى زيادة الضغط الديبلوماسي للمحافظة على «انتصار الديبلوماسية الروسية في جنيف». وحذر لافروف بعد محادثات أجراها في موسكو مع نظيره المصري نبيل فهمي من أن «أي مشروع قرار في مجلس الأمن يتضمن تلويحاً باستخدام القوة ضد سورية يمكن أن يُفشل اتفاق جنيف» حول الأسلحة الكيماوية السورية. وعلى رغم إشارة لافروف إلى قناعته بأن الولاياتالمتحدة «ستلتزم الاتفاق»، اعتبر أن الدعوات الغربية لإصدار قرار سريع في مجلس الأمن تحت الفصل السابع تعكس «عدم فهم» للاتفاق الذي توصلت إليه روسياوالولاياتالمتحدة في جنيف السبت الماضي. وحذر من أن التلويح بتهديدات عسكرية يمكن أن «يُفشل» الاتفاق والحوارات السياسية التي بدأت، في إشارة إلى اتفاق موسكو وواشنطن على مواصلة الحوار في شأن ترتيبات الدعوة لمؤتمر «جنيف-2». وقال لافروف إن اتفاقه مع نظيره الأميركي جون جيري لم يتضمن إشارة إلى استخدام القوة، مجدداً رفض موسكو أي مشروع قرار يخرج عن إطار الحوارات والاتفاقات التي تم التوصل إليها. وأوضح أن الطرفين الروسي والأميركي اتفقا على أن يتم نقل الملف إلى مجلس الأمن كونه المرجعية الأساسية في حال قيام الحكومة أو المعارضة بخطوات تهدد عمل المفتشين الدوليين أو في حال استخدام السلاح الكيماوي أو عدم تنفيذ الالتزامات التي تأخذها الأطراف على عاتقها، ويحق للمجلس عندها أن يقرر إصدار قرار قد يندرج تحت الفصل السابع لميثاق الأممالمتحدة. معتبراً أن «التهديد والبحث عن ذرائع لتوجيه ضربات، يعني تحريض المعارضين على القيام باستفزازات ومحاولات إفشال مؤتمر جنيف-2». واعتبر الوزير الروسي أن الوقت «قد يكون حان» لإجبار معارضي الرئيس السوري بشار الأسد على حضور مؤتمر دولي للسلام بدلاً من الاكتفاء بدعوتهم ومحاولة إقناعهم بالحضور، مشيراً إلى أنه بحث هذه المسألة في جنيف مع نظيره الأميركي والمبعوث الدولي والعربي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي. وزاد: «شركاؤنا يعتقدون أن من الضروري البدء بمناقشة موعد المؤتمر (جنيف-2) ونحن مستعدون لبدء العمل منذ الغد، والحكومة السورية وافقت على إرسال وفدها»، مؤكداً أن موسكو مستعدة لاستضافة زعيم الائتلاف الوطني السوري المعارض لبحث ترتيبات «جنيف-2». وتزامنت عودة الحديث عن رفض موسكو التلويح باستخدام القوة، والدعوة للالتزام باتفاق لافروف-كيري في جنيف، مع تصاعد لهجة النشوة ب «الانتصار الديبلوماسي لموسكو» التي طغت على تغطيات وسائل الإعلام الروسية الصادرة أمس، بعد عطلة نهاية الأسبوع، التي تم خلالها تتويج المحادثات الروسية-الأميركية. وركزت التغطيات والتعليقات على «الإنجاز الديبلوماسي الكبير لموسكو التي نجحت في إنقاذ المنطقة من حرب جديدة لم يكن من الممكن التنبؤ بعواقبها» كما كتبت صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الحكومية. وذهب معلقون إلى اعتبار اتفاق لافروف وكيري «واحداً من أبرز انتصارات الديبلوماسية الروسية خلال العقدين الأخيرين»، مع زيادة التركيز على أن موسكو «أنقذت» الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي كان موقفه محرجاً، كما أنقذت الأسد الذي كانت مواقعه ستهتز بقوة في حال تعرض نظامه لضربة عسكرية غربية. لكن محللين أشاروا إلى بعد آخر ل «الانتصار» بالنسبة إلى روسيا، التي «تعرضت لضغوط غربية قوية، واهتزت سمعتها لأن الصحافة الغربية وضعتها في خانة المدافعين عن الديكتاتوريات، وجاءت المبادرة الروسية لتنسجم مع المزاج الشعبي في أوروبا وتقدم موسكو بصفتها من بادر إلى حقن الدماء في «لحظة حرجة»، بحسب معلق تحدث إلى إذاعة «صدى موسكو» الواسعة الانتشار. وأشار إلى أن «توجيه ضربة عسكرية غربية لسورية من خارج مجلس الأمن كان يعني أن موسكو خسرت ورقتها الضاغطة في المجلس، وباتت المواقع التي دافعت عنها في المنطقة معرضة لهزة قوية، ما يعني أنها انتصرت لذاتها ولمصالحها أيضاً». في هذه الأثناء، دعا برلمانيون روس إلى زيادة الضغط الديبلوماسي الروسي وعدم الاكتفاء بالانتصار الذي تم تحقيقه لأنه «قد يفقد قيمته بسرعة، بمجرد أن يواجه تعقيدات تنفيذ الاتفاق على الأرض». وأشار رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما أليكسي بوشكوف إلى أن «الديبلوماسية الروسية أخذت زمام المبادرة وباتت الأنظار تتجه إليها لتحقيق نتائج عملية ملموسة تدفع العملية السياسية في سورية».