تنتشر ظاهرة الانتحار عند فئة الشبان، كونها تعاني الكثير من المشكلات والعوائق التي تحول من دون تطلعاتها، وتزايدت في شكل واضح في البلدان العربية، خصوصاً تلك التي قامت فيها الثورات، بحثاً عن التغيير لأحوال أفضل، وهذا من شأنه أن يزعزع الشعور بالاستقرار وصعوبة تقبل المحيط الخارجي، ولا ننسى أن تلك الشُعلة بدأت بشرارة انتحار شاب عاطل في تونس. هذه الظاهرة الاجتماعية مخيفة إلى درجة أنها أصبحت تتزايد عاماً بعد عام، وفي السعودية تحديداً أكدت «آخر إحصائية معتمدة من وزارة الداخلية السعودية أن محاولات الانتحار بين 1427 و1428ه جاءت بنسبة 68.4 في المئة، بينما حالات الانتحار الفعلية شكلت 14.19 في المئة، وهذا ما يؤكد خطورة المشكلة «ولنأخذ في الاعتبار أن هذه الأرقام لا تشكل إلا جزءاً من الواقع. الانتحار سلوك واعٍ يعمد فيه الفرد لإيذاء نفسه، ويمكن أن نصفها بأنها لحظة من الجنون، وهذه المفارقة التي بين الجنون والانتحار التقطها إميل دور كايم، ودرس وقائعها وآلياتها، ويمكن العودة إلى مؤلفه والاستفادة من نظريته، ويمكن القول أن الدافع الذي يقود الفرد إلى الاعتقاد أن الخلاص من الذات وتدميرها هو ما يجعل الفرد يرى أن الموت أفضل من الحياة، وبهذا تتعدد الأسباب لحدوث هذه الظاهرة، وغيرها حالات تنتج من وجود قناعات دينية أو سياسية تتسبب في جعل الفرد ينهي حياته بعملية انتحارية، إلا أن هناك نواحياً أخرى تشكل الدافع الأكبر، كالعطالة والفقر وسوء تعامل الأُسر والاضطهاد وغير ذلك مما يسبب الأزمات النفسية والاضطرابات العصبية لدى الكثير من المتضررين. وبالتالي، فاليأس والكآبة هما أهم عنصرين يُسيطران على مشاعر من لديه قابلية الانتحار. وغير ذلك، فإن صعوبة أوضاع الكثير من النساء جعلت هذه الظاهرة تنتشر في شكل أكبر بينهن بين محاولات انتحارية وانتحار فعلي، وهذا يفتح باب البحث في أهم الدوافع التي تقود النساء إلى الانتحار، وأعني ظاهرة العنف كمسبب يجب الحد منه، وبصفتها مشكلة ينجم عنها مشكلة أكبر منها. قد يرى بعض علماء الدين أن أهم الأسباب تذهب لضعف الوازع الديني، فيما يرى الأطباء والباحثون في علم النفس والاجتماع أنه ليس سبباً رئيساً، لأن المشكلة لها أسباب نفسية أعمق، وهو العجز عن إيجاد الحاجات الفطرية والحياتية، مثل الإحساس بالأمن، وتوفر السكن والعمل، والقدرة على الزواج والاستقرار، وحرية الاختيار وغير ذلك. إن من أهم حقوق الإنسان في هذا المجتمع أن تشرف الدولة على وضع مراكز لعمل درس متعلق لهذه الحالات ومعرفة أسبابها وطرق علاجها، وكذلك استحداث وظائف العمل للإختصاصي النفسي والاجتماعي في المدارس والجامعات وغيرها، لاكتشاف حالات الأفراد ومعالجتها في مراحل باكرة، وهذا من شأنه يسعى في تطوير الذات وإيجاد الوعي لدى أفراد المجتمع، للقدرة على مواجهة واقعهم ومصاعبهم بما يمكن أن يصنع به الفرد قيمة لحياته، حتى لو انغلقت عليه بعض السبل. [email protected] alshehri_maha@