انتشرت ثقافة الإصلاح قبل اللجوء إلى المحاكم أو إلى الطلاق في القضايا الأسرية، ما انعكس إيجاباً على نسبة الذين يحضرون إلى الجهات الإصلاحية من دون تحويل من أية جهة حكومية، إذ أصبحوا يزيدون على أعداد القضايا الرسمية. وتعود نشأة لجان إصلاح ذات البين إلى العام 1420ه، بعد أن صدر مرسوم ملكي أكد على «وجوب السعي في العفو في قضايا القصاص قبل تنفيذ الحكم». واتسعت دائرة هذه اللجان لتشمل الإصلاح في كل أنواع الخلافات والمنازعات لحل القضايا والمشكلات الأسرية والاجتماعية قبل اللجوء إلى القضاء، وتعمل اللجان منذ ظهورها على «تعميق أواصر المحبة بين أفراد المجتمع، ونبذ أسباب الفرقة والاختلاف والتخاصم وتأصيل روح الأخوة والتماسك». وأشار رئيس لجنة إصلاح ذات البين العليا فرع الأحساء نائب المشرف العام على مركز التنمية الأسرية في المنطقة الشرقية خالد الحليبي في تصريح إلى «الحياة» إلى أن هناك عدداً من المؤسسات «تقوم بإصلاح ذات البين في المجتمع السعودي. فهناك اللجنة العليا لإصلاح ذات البين التابعة لإمارة المنطقة الشرقية وتُعنى بالدماء والإصلاح في القضايا الكبرى، وحققت نجاحاً كبيراً على أيدي المصلحين فيها، فكم رقبة أُعتقت وسجين أُطلق وأسرة استقرت»، معتبراً أنها «تجربة رائدة استفادت منها مناطق أخرى». كما سجلت الأعوام الأخيرة ظهور مكاتب الصلح أو المصالحة الملحقة في المحاكم التي تحال إليها القضايا الأسرية والمالية. وذكر الحليبي، أن هذه المكاتب «حققت نجاحاً زاد على 60 في المئة، ما يدل على أن الخير وافر في الناس. كما يدل على نجاح التجربة نجاحاً مميزاً». وأضاف أن «وزارة العدل مستمرة في التجربة وتوسعتها بعد صدور قرار تنظيمها من مجلس الوزراء أخيراً»، وتوقع أن تكون «ملحقة بكل محاكم المملكة قريباً»، مضيفاً: «زرت بعضها فوجدتها تبشّر بمستقبل أكثر إشراقاً، وسيقطف المجتمع ثمراتها الطيبة كلما تم اختيار المصلحين بدقة وخصوصية، بعيداً عن إدارات التوظيف الضيقة وتأهيلهم في شكل أفضل دائماً». ولفت الدكتور الحليبي إلى الصنف الثالث وهو: «أقسام الصلح في مراكز التنمية الأسرية التي انتشرت في محافظات المنطقة الشرقية، والتي تؤدي عملها بطريقة مهنية عالية، مستعينة بخبراء تم تأهيلهم وتدريبهم في برامج تدريبية متقدمة ومعتمدة يقدمها عدد من المدربين المتمرسين في الإصلاح وفي علومهم التخصصية»، موضحاً أنه «تتم إدارة هذه الأقسام ببرامج حاسوبية متقدمة. كما يتم التعامل مع القضايا بطريقة سرية للغاية حفاظاً على الخصوصيات، وبلغت نسبة الصلح في كل من مركزي الدماموالأحساء بين 60 و80 في المئة». وتوقع أن يكون لهذه اللجان «تأثير إيجابي على المجتمع، إذ تقل الشحناء والأضرار الأمنية والصحية والمالية المترتبة على الطلاق، وجنوح الأولاد أو القضايا المالية بين أفراد الأسرة الواحدة»، مضيفاً أن «تعاون الإمارة والمحافظات في المنطقة الشرقية مع هذه الجهات الإصلاحية، وعدد من الإدارات الحكومية الأخرى مثل المحاكم والشرطة من أبرز أسباب نجاحها».