تستعد فرقة «الكفافة» للفن الشعبي لجولة أوروبية تبدأها من إنكلترا مطلع العام المقبل، ويقول رئيس الفرقة عبدالواحد السيد أو «الريس عبدالواحد» كما يطلق عليه، إن «الكفافة» يعلمون على إحياء فن مصري قديم هو فن الكف الصعيدي الذي يعود إلى أيام الفراعنة. ومع مرور السنين تطور هذا الفن، فتبدلت كلمات أغانيه وساير موجة أغاني الفيديو كليب وتطورت الرقصات الإيقاعية المرافقة له، وكان أول ظهور شهير لهذا التطور في أغنية عمرو دياب «حبيبي يا نور العين». كما كان قبل ذلك مستخدماً في أغاني محمد منير والأغاني النوبية. وحول جذور فن الكف الصعيدي يوضح عبدالواحد السيد أنه وجدت الكثير من النقوش على جدران المعابد والمقابر، خصوصاً مقابر العساسية في البر الغربي لمدينة الأقصر. ويؤكد أن هذا الفن تدرج في الكثير من الأشكال منها «فن القول» حيث كان يدعى إلى الحلقة طرفان متخاصمان أو متحابان يدخلان في مبارزة كلامية تصحبها تصفيقة معينة بالكفوف مع قوة التعبير، ولم يكن الدف قد أدخل آنذاك على فن الكف وكانت النساء يشاركن مشاركة فعلية بالقول، فهن أعضاء أساس في الفريق المؤدي إلى هذا الفن. وغالباً ما تقام احتفالات الكف في صعيد مصر ما بين صلاتَي العصر والمغرب. وهناك شكل آخر لهذا الفن في قريتي البصيلة والزعيرات في إسنا وإدفو جنوب الأقصر، حيث يستخدم في المآتم لندب الميت. ولفت عبدالواحد إلى أنه ورث هذا الفن عن أسلافه، علماً أن كل أعراس المنطقة في الصعيد كانت تشهد هذا الفن الذي يتميز بأن له ثلاث طبقات رئيسة، أولاها نغمة هادئة اسمها «الفيلاوي»، فواحدة أسرع هي «التشيلة» فأكثر سرعة وهي «الجنزير»، مشدداً على أنها جميعاً لا بد أن تبدأ بالصلاة على النبي محمد. وأوضح أنه خوفاً على هذا الفن الجميل من الاندثار والضياع، أسس فرقة «الكفافة» بمعاونة مركز المصطبة للموسيقى الشعبية، كما تعاون مع شركة «ثيرتي أي بي إس» الإنكليزية للإعداد لجولة أوروبية. وكانت فرقة «الكفافة» أقامت الكثير من الحفلات الخاصة في مصر أهمها في مسرح «الصنمة» المستقل للفن الشعبي في قلب القاهرة. ويشرح عبدالواحد أن الحفلة تضم ثلاثة إلى تسعة أفراد ومعهم ضارب الدف، يجلسون على أريكة أو أكثر ومن حولهم المساند، ثم يأتي الكفافة ليقفوا صفاً بالتوازي في مواجهة المطربين. وسبب هذه التسمية أنهم يستخدمون كف اليد فقط في ضبط الإيقاعات. ويبدأ المغني الصلاة على النبي، ثم يتبعها بمواويل تصف أحوال بيئته وأحوال العاشقين، بعدها يشرع الكفافة في ارتجال خانة (جزء من موال مربّع) وهم يصفقون، والتصفيقة تحدد سرعة الإيقاع ويبدأ ضاربو الدف اللعب مع إيقاع التصفيقة، ويتمايل الكفافة في حركة واحدة متبعين قائد الصف وهو يكون أمهرهم في الرقص، فيما يحركون أكتافهم وأيديهم وأقدامهم في تناغم جميل. ومن ثم يغنّي أحد المطربين مرتبطاً بموضوع الخانة، وهي تكون في الليل أو الهجر من جانب المحبوب أو «المريود» وفق اللهجة المحلية. وبمجرد أن ينتهي المطرب من غنائه يتوقف الكفافة عن الرقص ويميلون بجذوعهم إلى الأمام مرددين الخانة نفسها وهم يصفقون، ليتسلم بعدها مطرب آخر الموضوع ذاته، ولكن بأبيات مختلفة يكون بعضها مرتجلاً.