أكدت الإعلامية السعودية الحاصلة على جائزة الشباب العربي التابعة لمنتدى الإعلام العربي في دبي أسمهان الغامدي أنه من واقع العمل أن العوائق والصعوبات تكمن في المرأة نفسها وليس في من هم حولها، وعدم أخذها حيزاً مناسباً في الصناعة الصحافية كونها أرادت ذلك، في حين أن المرأة تعيش عصرها الذهبي ما يدفعها إلى الإبداع والإنجاز وتخطي الجوانب المتعبة من بعض العقليات السطحية، خصوصاً أن الصحافيات السعوديات في هذا الوقت هن من سيقدن التغيير لخلق مجتمع أكثر وعياً. وتعتبر أسمهان الإعلامية الوحيدة الحاصلة على جائزة الشباب العربي بدبي رغم أن تقدم للجائزة ما يزيد على 300 إعلامي وإعلامية من المملكة، وفي ما يأتي نص الحوار: كيف كان التحاقك بالصحافة... وما الذي يشغل فكرك بخصوص مستقبلك المهني؟ -التحقت بالعمل الصحافي أواخر 2009، وحينها ما زلت طالبة على مقاعد الجامعة، كنت أجيد كتابة القصة وسرد يومياتي بطريقة قصصية دون أن أكون ملمة بأي قالب من القوالب الصحافية، ولم أكن أفرق بين الخبر، التحقيق، والتقرير فجميعها في نظري «مقال»، وطمحت إلى أن أكون صحافية، فبادرت بالاتصال على صحيفة الرياض وتم تحويلي إلى مديرة تحرير القسم النسائي سابقاً الدكتورة هيا المنيع عضو مجلس الشورى حالياً، وكنت كثيرة الإلحاح عليها بطلب الالتحاق بالمنظومة الصحافية، وجاء ردها لي: «تخرجي أولاً وتعالي»، إلا أني أصررت حتى أصبحت اتصالاتي شبه يومية عليها، أعطتني موعداً لمقابلتها لأتفاجأ بأنها قبلتني وأخضعتني لفترة تدريب لمدة ثلاثة أشهر على يد زميلتي سحر الرملاوي، وفعلاً في أول شهر جعلت مني قارئة جيدة لجميع المواد الأرشيفية للزميلات والمنشورة على مدى سنوات طويلة لأكوّن خلفية عن القوالب الصحافية، إضافة إلى الجزء النظري الذي كانت تقدمه لي زميلتي سحر، والحمد لله استطعت أن أتعلم سريعاً القوالب الصحافية لتبادر الصحيفة بتوقيع عقد معي بعد مضي أقل من شهرين من فترة تدريبي، على خلاف المعتاد. أما في ما يخص مستقبلي.. فالأمنيات كثيرة والأحلام كبيرة، وأسأل الله أن لا يحرمني حلاوة تحقيقها، ما يشغلني الآن هو البحث عن ذاتي المتعطشة. ماذا عن رسالة الماجستير؟ -أتم الله علي نعمه بأن أكمل دراساتي العليا في تخصص إدارة الأعمال مسار إدارة الموارد البشرية، وحاولت جاهدة الربط بين عملي كإعلامية ودراستي الأكاديمية لأبحث في أول موضوع يخص إدارة المؤسسات الإعلامية ويقدم في المملكة كبحث علمي متخصص من كليات الشرق العربي للدراسات العليا، إذ إن الموجود لا يتجاوز حقائب تدريبية ومقاطع اليوتيوب. توليت التحقيق الصحافي في قضايا مجتمعية حساسة هل واجهت صعوبات كونك امرأة .. وما هي؟ -الصعوبة كانت في الجانب النفسي بالنسبة لي خصوصاً في المواضيع الإنسانية، ولكن كعوائق مجتمعية ولله الحمد لم أواجه، فمن واقع العمل تأكد لي أن العوائق والصعوبات تكمن في نفس المرأة وليس في من حولها، في كل مرة كنت أطرق فيها باب المسؤول بهدف عمل تحقيق صحافي وله هدف إنساني ومجتمعي كنت أجد ترحيباً وتقديراً وعبارات تشجيعية تشيد بجهدي كإعلامية، ولي مع المدير العام للسجون اللواء الدكتور علي الحارثي أجمل تجربة، إذ طلبت منه الدخول لمكان حساس ومخصص للرجال وسمح لي دون أي تحفظ مع تخصيص كادر عسكري لحمايتي، ودخلت العنابر والتقيت بالسجناء من داخل السجن وتجولت في الإصلاحية لأستطيع رصد الواقع، وكذلك مع المدير العام للطب الشرعي الدكتور عبدالله الدوسري الذي أتاح لي المجال ورحب بفكرتي وسمح لي بالتجول بين طاولات التشريح والدخول للثلاجة والتجول بين الأموات لنقل الصورة كما ينبغي. العمل الصحافي بحاجة لجرأة وابتكار، وأكرر أن العقبة الوحيدة بوجه المرأة هي نفسها، ولتتأكد أن المجتمع مرحب بها طالما كانت ملتزمة بالأسس الدينية وتحمل رسالة سامية كرسالتنا. برأيك ... لماذا لا تأخذ المرأة الصحافية حيزاً مناسباً في الصناعة الصحافية ؟ -لأنها هي أرادت ذلك، ارتضت بالوصاية الفكرية، وهذا لا ينفي أن لدينا العديد من الأسماء التي لمعت وتفوقت في المجال الصحافي واستطاعت نحت اسمها بمداد من ذهب، المرأة بوجه عام والصحافية بوجه خاص تعيش عصرها الذهبي فيجب أن تبدع وتنجز، صحيح أن هناك جوانب ستكون متعبة من بعض العقليات السطحية ولكن أعتقد أن صحافيات هذا الوقت هن من سيقدن التغيير لخلق مجتمع أكثر وعياً للجيل القادم بإذن الله. الإعلام رسالة تسهم في تكوين الوعي المجتمعي سلباً وإيجاباً... من واقع صحافتنا ما مدى تحقيق هذه الرسالة؟ -الإعلام هو السلطة الرابعة في المجتمع، ولا بد أن يخلق الوعي لدى المجتمع بل هذا من شروط بقائه، وأعتقد أن الجيل الجديد تحرك بإيجابية نحو هذا الهدف خصوصاً وأن «تويتر» أسهم في رفع الحصانة عن المسؤول. كيف يمكن للإعلام أن يمارس دوره الحقيقي في تغيير الصورة النمطية للمرأة في المجتمع ؟ -مجتمعنا للأسف روتيني يرفض التجديد والتطوير، ودخول المرأة إلى الساحة فجأة لتبحث عن مكانها الذي كفله لها الشرع أثار البعض وألجم الآخر، الإعلام يجب أن يكون مرآة واقعية لمنجزات المرأة وقدراتها بلا تضخيم ولا تحقير، الاتزان في الطرح هو الأهم والجرأة في عرض حقوق المرأة وربطها بحقها الشرعي أولاً ثم تبعاته الإيجابية على المجتمع كفيل بخلق الوعي، وحقيقة أرى أن في الساحة قضايا أهم من أن تكون المرأة محور الاهتمام، فهي مواطن بالدرجة الأولى ومن حقها الحصول على حقوقها كافة، والالتفات لمعطلي حركتها أمر غير صحي ولا مجد فتجاهلهم أفضل بكثير من التبرير لهم. ما هي أهم الأهداف التي تسعين لتحقيقها في مجالك والتي تؤمنين بها؟ -أن نكون كما أراد لنا نبينا وحبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام، مسلمين حقاً بالخلق والدين. المنافسة جزء مهم في العمل الصحافي وخصوصاً النسوي لقلة المنتسبات لهذه المهنة ... ما هي نظرتك في هذا الأمر؟... وهل بالفعل الإعلامية محاربة من بنات جنسها؟ -المنافسة الشريفة حق مشروع للجميع، وحب محاكاة صحافيين بارزين ليس بأمر مخجل، ولولا وجود المنافس لما تفوق من تفوق، وفي ما يخص المرأة يشاع أن المرأة عدوة المرأة، ولكن لا أحب كثير الإيمان بها لأن العمل الإعلامي لن تحبطه عداوات نسائية مهما كان نوعها، وهذا أحد أسرار جمال العمل الإعلامي تفوق الصحافي فيه بمدى معرفة الناس له ومدى سطوع اسمه في الساحة دون أي اعتبار لسنوات الخبرة. هل تعتقدين أن الإعلامية السعودية ما زال حقها مهضوماً... والإعلام المقروء لم يمنحها ما يستحق؟ -كما أسلفت سابقاً إذا كان يوجد حق مهضوم فهو من داخل نفس الإعلامية، نحن في عصر يحتفى بالمرأة ومنجزها وكإعلاميات نرى الدعم الذي نلقاه من رؤساء ومديري تحرير الصحف، فالآن جميع المناسبات تقريباً تحتفي بالمرأة الإعلامية والآن معظم الجهات تكتفي بوجودها عن وجود الصحافي الرجل ثقة منهم في مدى تمكنها. من وجهة نظرك ما هي المعوقات والمشكلات التي تواجهها الإعلامية في مسيرتها المهنية؟ -لكل عمل بعض الملاحظات التي تكون بحاجة إلى تقويم، وكذلك العمل الصحافي، من خلال مسيرتي أرى أننا بحاجة إلى تفعيل البطاقة الصحافية الخاصة بالمنتسبين للمهنة من هيئة الصحافيين السعوديين وأن تكون بمثابة الحصانة لي كإعلامية، فالكثير من المناسبات التي نحضر لتغطيتها إعلامياً تشترط الجهة خطاباً من المؤسسة الإعلامية وتتجاهل البطاقة الصحافية، وبطاقة هيئة الصحافيين غير المفعل في المرحلة الحالية، إضافة إلى هرب بعض المسؤولين من الإعلاميين وعدم التجاوب مع استفساراتهم، فلن يكون الإعلام هو مرآة المجتمع الحقيقية في وقت ما زال ينجح فيه المسؤول من الهرب، وتمتد المعوقات لتصل إلى المعاملة السيئة التي يواجهها الصحافي والمصور الصحافي من بعض المنظمين في الوقت الذي ينتشون فيه بقراءة الحدث في الصحف اليوم الآتي، فكل هذه الأمور بحاجة إلى تقنين وفرض عقوبات على معطلي عمل الصحافي والمصور الصحافي. الإعلامية السعودية رغم المعوقات تثبت نضجاً ووعياً وصموداً أفقياً... ما أهم ما يجب أن تتسلح به الإعلامية الصحافية؟ -أولاً المصداقية، وثانياً الجرأة، حتى وإن كانت تثق بأن ما تطرحه يجلب لها بعض الغوغائيين، فحتى نصل إلى مجتمع تنويري واع لابد أن نتحمل الصعوبات النفسية التي نواجهها، ويقيناً مني أن مشاق التغيير تقع على جيل الإعلاميات الحالي فنحن نمهد الطريق للجيل القادم بإذن الله، إضافة إلى الوعي الكافي وعدم الالتفات إلى سفاسف الأمور، خصوصاً وأن الوسط ينتشي بالقيل والقال. باعتقادك هل استطاعت الإعلامية السعودية أن تثبت نفسها من خلال القضايا التي طرحتها؟ -إلى حد ما نعم، وأكرر نحتاج إلى قلم أكثر جرأة وتجديداً وتطويراً، والصحافة المحلية بحاجة إلى مضخة دماء جديدة، وروح قابلة للتعلم والتجديد والابتكار بمنظور مختلف عن الروح التقليدية. النظرة المجتمعية القاصرة للإعلامية صادمة لمن تمتهن هذا العمل ... هل تتبنين موقفاً أمام هذه الهجمات السلبية؟ -المرأة العاملة بشكل عام والإعلامية بشكل خاص هي من تستطيع أن تغير النظرة السلبية التي يحكمها المجتمع بشكل قاصر، فالإعلامية تعاني كثيراً من تلك النظرات القاصرة وانتهاك حرمتها بسبب سطحية بعض العقول، ولكن جديتها في العمل واحترامها لمواعيدها ومدى تمكنها من عملها ووعيها قادر على تغيير النظرة ولو بعد حين وكان الله في عون كل إعلامية. يوكل للمرأة الصحافية التخصص في مجالات المرأة والطفل هل تجدين ذلك منصفاً للمرأة ؟ أجده مميزاً لها، فهي تستطيع أن تتنوع في مجالاتها وتخصصاتها ما بين سياسي واقتصادي وأمني ومحلي ومجتمعي ورياضي متساوية مع الرجل، إضافة إلى ما يخص المرأة والطفل، فبقدر ما هو تكليف إضافي عليها بقدر ما يثبت عجز الرجل في تنفيذ مثل هذه المواضيع التي تحتاج إلى عمق وتربية وعاطفة. كيف تصنفين الإعلاميات الموجودات في الوسائل الإعلامية المختلفة؟ -يوجد العديد من النماذج المشرفة والقدوات الحسنة التي ننهل من خبراتها وإمكاناتها، ولكن يوجد البعض ممن استسلم منهن للمحبطات واكتفى بالعمل المكتبي الذي يفقد الإعلامي الكثير من مهاراته، فالممارسة خير من يجدد ويطور من إمكانات الإعلامي. من خلال مسيرتك الإعلامية كيف تجدين الإعلامية السعودية في الإعلام الصحافي؟ -شبه حاضرة رغم قدرتها على أن تكون في أول الصفوف، والسبب يعود لخضوعها التام لما يمليه عليها الرجل من محظورات وجهات لا تستطيع أن تتعامل معها بحكم طبيعتها الأنثوية، ولكن هذا لا ينفي أن لدينا كوادر كسرت تلك الحواجز ونجحت. هل بالفعل هيئة الصحافيين خدمت الإعلامية أم لا ؟ -أمام هيئة الصحافيين مشوار طويل، والآمال عادت لتجدد بعد الإحباط الذي واجه الصحافيين والصحافيات على حد سواء، ولكن بعد قرار خادم الحرمين الشريفين بضرورة إدراج الصحافيين تحت مظلة الهيئة خلق لدينا أملاً من جديد بلائحة منصفة لكل الإعلاميين. هل ترين أن الإعلامية السعودية تأخذ فرص الإعلامي الرجل نفسها في عملية صنع القرار في المؤسسة الإعلامية، وتحصل على نفس فرص التدريب والتأهيل الضرورية لمزاولة المهنة؟ -ما زال تقدم المرأة للمناصب القيادية في المؤسسات الإعلامية خجولاً ومتواضعاً، وهذا ليس إلا منها في السابق، ولكن أعتقد أن المستقبل سيحمل كثيراً للمرأة خصوصاً وأنها ألقت بردائها القديم وبدت تتحلى بالقوة والشجاعة والإقناع والخلفية الأكاديمية العالية.