قرر مدعي عام عمان أمس توقيف النائب طلال الشريف لإطلاقه الرصاص من رشاش «كلاشنيكوف» على زميله قصي الدميسي داخل مقر البرلمان أمس، فيما قرر النواب، بغالبية ساحقة، فصل الشريف وتعليق عضوية الدميسي مدة سنة. وصوت 134 نائباً من أصل 136 حضروا جلسة طارئة على فصل الشريف من عضوية البرلمان، فيما رفض النائبان خالد بزبز الحياري ويحيى السعود التصويت على القرار، علماً أن العدد الكلي للأعضاء هو 150. وبموجب الدستور المعمول به منذ 1952، يتطلب قرار فصل أحد النواب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان. وأثار إطلاق النار داخل حرم البرلمان صدمة كبيرة داخل المجتمع الأردني، ما دفع عاهل البلاد الملك عبد الله الثاني إلى تكليف رئيس المجلس سعد هايل السرور، الذي استدعي إلى القصر الملكي، إضافة الواقعة التي تعد الأولى من نوعها إلى جدول أعمال الدورة الاستثنائية لمناقشتها، إذ إن الدستور يحظر مناقشة أية بنود من خارج جدول أعمال الدورة الاستثنائية. وعلمت «الحياة» من مصادر أردنية رفيعة أن الملك أبدى استياءه الشديد من الواقعة، وسرت أنباء عن التلويح بحل البرلمان في حال وقعت أحداث مشابهة. وبموازاة ذلك، قرر المدعي العام الأردني توقيف الشريف 14 يوماً في سجن الجويدة على ذمة التحقيق، بعد أن وجه له تهماً عدة، منها الشروع بالقتل وحيازة سلاح من دون ترخيص ومقاومة رجال الأمن العام. وتجيز المادة 86 من الدستور، توقيف عضو مجلس النواب أو الأعيان في حال «القبض عليه متلبساً بجريمة جنائية». وروى نواب وشهود عيان ل «الحياة» أن الشريف حضر إلى مكان جلوس بعض النواب، وكان بينهم الدميسي، حيث حاول النائب المفصول مصافحة الأخير، بعد أن تبادلا الشتائم خلال مشادة وقعت بينهما الأحد الماضي تحت القبة. إلا أن النائب الدميسي رفض مصافحة الشريف وقام بدفعه، فغادر الأخير البرلمان ليحضر رشاش «كلاشنيكوف» من سيارته ثم دخل المبنى متوعداً أحد رجال الأمن بإطلاق الرصاص عليه في حال قام بمنعه. وأثناء ذلك، نجحت النائب مريم اللوزي بمنع الشريف من التقدم نحو الدميسي، وقامت برفع السلاح أثناء إطلاق النار، ما أدى لخروج رصاصتين على الأقل، استقرت واحدة داخل أحد الجدران والأخرى اتجهت نحو السقف، لينجح بعدها رجال الأمن بالسيطرة على النائب وسلاحه. وعلى الفور، قام فريق أمني مختص بالتحقيق مع النائبين، فيما حضر فريق من المختبر الجنائي التابع لجهاز الأمن العام الأردني لأخذ الأدلة. وقال النائب الأول لرئيس البرلمان خليل عطية في تصريحات ل «الحياة» إن المجلس «قرر فصل النائب مطلق الرصاص وتجميد عضوية الآخر مدة عام»، فيما طالب نواب بإجراء حازم لمنع تكرار ما جرى، وذهب آخرون إلى حد المطالبة بحل البرلمان، الذي يواجه انتقادات شعبية واسعة، على خلفية أدائه السياسي والتشريعي. وكان هذا البرلمان شهد قبل أشهر حادثة مشابهة، حاول خلالها النائب شادي العدوان إشهار السلاح في وجه أحد زملائه بعد خلاف بينهما تطور إلى عراك بالأيدي، وتسببت الحادثة حينها برد فعل غاضب داخل القبة وخارجها. كما شهد البرلمان عدداً من المشاجرات التي استخدمت فيها الأحذية والأحزمة وكؤوس الماء والأوراق، كان آخرها ما جرى الأحد الماضي عندما وقعت مشاجرة كان أطرافها النائبان طلال الشريف ويحيى السعود من جهة والنائب قصي الدميسي من جهة أخرى. وكان عدد من النواب أكد ل «الحياة» أمس انتشار السلاح بين أعضاء البرلمان، وقال أحدهم إن عشرات النواب «يحملون أسلحة نارية في سياراتهم الخاصة»، وإن بعضهم «يقوم بإدخالها إلى القبة». وتصدرت واقعة إطلاق الرصاص أمس اهتمامات الأردنيين، وهو ما عكسته وسائل الإعلام المحلية التي تابعت تفاصيل الخبر على نطاق واسع. كما تسببت بردود فعل نادرة، تنوعت بين الغضب والسخرية، عبر عنها المواطنون من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نشرت عشرات الصور للنائب الشريف مركبة على صور تروج لأفلام عنف.