أقرت «لجنة الخمسين» لتعديل الدستور المصري قواعد لعملها من ضمنها آلية التصويت على التعديلات الدستورية، في جلسة شهدت خلافات بين أعضاء اللجنة حول ما إذا كانت مهمتها تعديل دستور 2012 أم كتابة دستور جديد، فيما كثّفت جماعة «الإخوان المسلمين» من مواقفها المؤكدة تمسكها بمطالبها في شأن عودة «الشرعية الدستورية»، عبر رسالتين للقيادي في حزب «الحرية والعدالة» الدكتور عصام العريان الفار من ملاحقة سلطات الأمن والمتحدث باسم الجماعة جهاد الحداد. وبدا موقف القياديين بمثابة رد حول ما أثير في شأن اعتزام الجماعة «الاعتذار» عن فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، توطئة للانخراط مجدداً في العملية السياسية. وقرر أعضاء لجنة الخمسين أمس تمرير قراراتها في المسائل الإجرائية بغالبية الحاضرين من الأعضاء الأساسيين، وأن تصدر قراراتها المتعلقة بنصوص الدستور بالتوافق، وفي حالة الخلاف يؤجل النقاش لمدة 24 ساعة ثم يعرض الأمر على اللجنة لاتخاذ قرار نهائي، وفي حال تعذر التوافق حول أي نص من نصوص الدستور يحسم الأمر بغالبية 75 في المئة ممن لهم حق التصويت، وهي نسبة كبيرة تضمن عدم استئثار فصيل بتمرير مواد توافق توجهاته. وكانت اللجنة عقدت ثاني جلساتها أمس برئاسة عمرو موسى لمناقشة لائحة عملها الداخلي والتي اقترحها عضوا اللجنة جابر نصار ومنى ذو الفقار. وشارك في الجلسة ممثل حزب «النور» السلفي بسام الزرقا، وسط جدل حول موقف الحزب الذي لمّح إلى انسحابه من اللجنة في حال المساس بالمادة 219 الخاصة ب «الشريعة الإسلامية». وقال عمرو موسى في مستهل الجلسة إنه سيخاطب مؤسسة الرئاسة لتعديل الإعلان الدستوري بما يسمح للجنة أن تعقد اجتماعاتها خارج مقر مجلس الشورى بناء على الاقتراح الذي قدمه نقيب المحامين عضو اللجنة سامح عاشور الذي قال إنه عندما تمت محاصرة المحكمة الدستورية عجزت عن القيام بدورها، مطالباً بوضع نص يسمح للجنة بالانعقاد خارج مقر مجلس الشورى في حال تعذّر الاجتماع في المجلس لأسباب قاهرة. وأكد أعضاء ضرورة صدور قرار جمهوري بتعديل نص الإعلان الدستوري قبل إدراج هذا المطلب في لائحة اللجنة. ونشبت أزمة بين موسى من جهة ونقيب الصحافيين ضياء رشوان من جهة أخرى حول فكرة تعديل الدستور أم تغييره بشكل كامل، إذ دعا رشوان إلى ضرورة الالتزام بالإعلان الدستوري الذي نص على تعديل الدستور وليس تغييره بشكل كامل ثم الاستفتاء عليه. وقال: «لا يجب أن نخالف الإعلان الدستوري وإذا لم نلتزم به فلنطالب رئيس الجمهورية بتعديله». وأضاف رشوان: «رئيس اللجنة عمرو موسى والمتحدث باسمها الكاتب محمد سلماوي صرّحا بأننا بصدد إعداد دستور جديد وهذا يخالف نص الإعلان الدستوري الذي أصدره رئيس الجمهورية»، فرد موسى بأنه لم يصرح بذلك الأمر «وقلت إننا إذا قمنا بإعداد مادة وأدخلنا تعديلات، فأصبحنا بهذا المعنى أمام نص جديد». واشتد النقاش حين تدخل نقيب المحامين سامح عاشور معترضاً على رد موسى. وقال عاشور: «هذه لغة لا نحبها. لا نريد أن نتحدث بلغة غير واضحة ومحددة، ويجب أن نقول بشكل واضح وحاسم إذا كنا أمام كتابة دستور جديد أم لا، وأرفض خطفنا لاتجاه لا نعرفه»، مطالباً بكتابة دستور جديد يتناسب مع الثورة «وألاّ نقدم أنصاف حلول بهذه الصورة غير المرضية». واتفق معه موسى حول كتابة دستور جديد ولكنه قال إن هذا ليس موضوع الجلسة، فرد رشوان: «اللجنة بذلك تخالف نص الإعلان الدستوري وإذا كنا نريد دستوراً جديداً فلا بد من إعلان دستوري يحدد هذا الأمر، ولا نريد أن نزايد باسم الثورة». وتمسك عاشور بضرورة تغيير الدستور بشكل كامل. وقال: «علينا تعديل الدستور بشكل كامل ويجب ألا نغسل الدستور بتعديلات محدودة لأنه دستور طائفي». وتدخل موسى لإنهاء الجدل حول هذه المسألة. وقال: «نحن لسنا بصدد مناقشة هذا الموضوع، بل بصدد مناقشة اللائحة»، ما دفع عاشور إلى طلب تخصيص جلسة لمناقشة هذا الموضوع، فاضطر موسى إلى موافقته على تخصيص جلسة لإنهاء الجدل حول هذه المسألة. من جهة أخرى، وجه القيادي في جماعة الإخوان الدكتور عصام العريان رسالة إلى قواعد الجماعة عبر صفحة حزب «الحرية والعدالة» على موقع «فايسبوك» أكد فيها التمسك بمطالب الجماعة، وحض على «العصيان المدني» لتنفيذها. وقال العريان في رسالته إن «تحالف دعم الشرعية يقبل كل المبادرات التي تنطلق من احترام إرادة الشعب وتطبيق الدستور الذي قبله غالبية الشعب وفي ظل الشرعية الدستورية من أجل الخروج من الأزمة الطاحنة التي تعصف بمصر»، داعياً أنصار الجماعة إلى «الثبات والصبر والمثابرة والرباط، وإتاحة كل الفرص للقيادات الشبابية والنسائية والقيادات الميدانية في كافة النواحي لأخذ دورها»، معتبراً أن «المعركة طويلة وتحتاج إلى نفس طويل». وشدد على ضرورة «الوحدة وعدم التنازع... والاستمرار في الجهاد حتى تتحقق أهداف ثورة 25 يناير»، معتبراً أن ما حدث في 30 يونيو «مؤامرة على ثورة 25 يناير». وقال العريان: «نحن اليوم كوطن على شفا هاوية اقتصادية ومالية قد تكون هي النهاية لذلك الانقلاب، فلا أمن ولا استقرار ولا استثمار ولا إدارة محلية ولا حكومة قادرة على العمل، وهذا هو جوهر العصيان المدني، وهنا تكمن نهاية المؤامرة». وأثنى العريان على موقف نائب رئيس الجمهورية السابق الدكتور محمد البرادعي. وقال: «دب الخلاف سريعاً وبأسرع مما يتصور البعض بين أجنحة الانقلابيين فخرج بين صفوفهم السياسي الذي أقنع الغرب وأميركا بدعم الانقلاب. وهذا موقف يحمد له»، متوقعاً توالي هذه الانشقاقات. وأكد ضرورة «تفعيل آليات العصيان المدني والابتكار والتجديد فيها». من جانبه، قال الناطق باسم الجماعة جهاد الحداد في رسالة حملت ذات المضمون إن «موقف الإخوان لم يتغير، ولا بديل عن عودة كامل الشرعية الدستورية وإلغاء كل ما ترتب على الانقلاب العسكري»، مؤكداً ضرورة عودة الدكتور محمد مرسي رئيساً لمصر ومجلس الشورى المنحل والدستور المعطل. وقال الحداد: «ليس لأحد كائناً ما كان أن يتفاوض باسم الشعب، إلا من اختارهم الشعب منتخباً إياهم بكامل إرادته... ونقبل بأي استحقاقات ديموقراطية تحفظ استمرارية الشرعية الدستورية».