سارع قادة وممثلو «مجموعة العشرين» إلى اختتام اجتماعاتهم في سانت بطرسبورغ الروسية بعدما خيم عليها التوتر بين الولاياتالمتحدةوروسيا بخصوص سورية. وعبر الرئيس الأميركي باراك أوباما عن تقديره لمساندة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند القوية لتحرك عسكري ضد قوات الرئيس بشار الأسد بسبب هجوم بالأسلحة الكيماوية على الغوطتين الغربية والشرقية لدمشق. وقال هولاند بعد لقائه اوباما إن هناك حاجة إلى تشكيل أكبر تحالف ممكن للتحرك ضد النظام السوري، وإن عدم الرد قد يسمح بوقوع هجمات أخرى من هذا النوع. في حين اعلن اوباما الذي يسعى إلى حشد تأييد دولي لضربة عسكرية لمعاقبة الحكومة السورية على الهجوم الكيماوي الذي وقع في 21 الشهر الماضي، إنه يثمّن مساندة هولاند لما وصفها بضربة محدودة رداً على «هذه الأفعال البغيضة». وأضاف أوباما أن القوى العالمية لا تزال ملتزمة الحوار مع ايران، وعبر عن أمله بأن يظهر الرئيس الإيراني الجديد بالأفعال أن بلاده لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية. وأعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان قبل ان يعود الى بلاده ان كل الدول المشاركة أيدت توجيه ضربة لقوات الأسد. وقال للصحافيين: «كل الزعماء الذين حضروا القمة تقريباً يتابعون عن كثب المذبحة التي ارتكبها النظام السوري ضد شعبه، وعبر الزعماء عن الضرورة الملحة لتنفيذ عملية» ضد النظام السوري. ولدى وصول زعماء ابرز القوى العالمية ضمن مجموعات عدة لالتقاط صور لهم امام عدسات المصورين في ظل طقس صاف في القصر القسطنطيني في هذه المدينة الروسية العريقة، ظهر نوع من الارتياح على الرئيس الأميركي الذي وصل مع المستشارة الألمانية أنغيلا مركل. كما قام بتقبيل نظيرته البرازيلية ديلما روسيف التي كانت العلاقة بين بلديهما تتسم بالبرودة بسبب قضية تجسس. ولم ينضم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى المجموعة سوى بعد اكتمال نصاب الزعماء الحاضرين، وقد مر من امام اوباما من دون تبادل اي كلام مكتفياً بانحناءة رأس سريعة لدعوته الى أخذ مكانه في الصورة. وفصل بين الرئيسين في هذه الصورة الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانغ يوديونو. وبعدها أخذ الزعماء استراحة لثوان حيث ظهرت على محياهم الابتسامات وتبادلوا المصافحات قبل المغادرة. وكان الزعماء خصصوا العشاء الرسمي مساء الخميس الى حد كبير للنزاع في سورية وعرض كل من المشاركين وجهة نظره حول الاتهامات باستخدام أسلحة كيماوية والجدوى من ضرب نظام دمشق كما يريد اوباما. وقال ديمتري بيسكوف الناطق باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان «القوى منقسمة بشكل متساو تقريباً». وصرح مصدر رفيع المستوى ان المناقشات لم تسمح بتحقيق تقدم، لكنه اكد ان بوتين حرص على عدم زيادة التوتر. وقال مصدر في «مجموعة العشرين» عن العشاء: «كان هناك نقاش طويل مع انقسام واضح في المجموعة». وقال مسؤولون يابانيون انه جرى «تبادل وجهات النظر بصراحة» حول سورية. وفيما تأخر اوباما نحو ساعة للمشاركة في العشاء الرسمي، أعلنت سفيرة الولاياتالمتحدة في الأممالمتحدة سامنتا باور في نيويورك ان موسكو حولت مجلس الأمن الى «رهينة». وقالت بحدة: «ليست هناك إمكانية لتحقيق تقدم في مجلس الأمن هذا». وصرح نائب مستشار أوباما للأمن القومي بن رودس أن أوباما «أكد مجدداً ثقتنا الأكيدة» بأن حكومة الأسد شنت هجوماً بالغاز السام أدى الى مقتل 1429 شخصاً، لافتاً الى انه عبر عن هذه الثقة خلال لقائه الرئيس الصيني شي جين بينغ. وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن الرئيس الصيني أبلغ نظيره الأميركي بأنه لا يمكن حل الأزمة في سورية الا من خلال الحل السياسي وليس بالهجوم العسكري. ونقلت الوكالة عن شي قوله: «الحل السياسي هو الطريق الصحيح الوحيد للخروج من الأزمة السورية. والضربة العسكرية لا يمكن أن تحل المشكلة من جذورها. ونتوقع من دول معينة أن تعيد التفكير قبل التحرك». وقال رودس إن أوباما الذي يحاول إقناع الكونغرس بإجازة توجيه ضربة عسكرية لسورية أبلغ زعماء مجموعة العشرين أن من المهم دعم الأعراف الدولية التي تحظر استخدام السلاح الكيماوي وأشار إلى عجز مجلس الأمن الدولي عن التحرك. ورأى البيت الأبيض الجمعة أن روسيا «ليس لديها ما تضيفه» إلى النقاش السياسي الجاري في الولاياتالمتحدة بشأن الأزمة السورية. وقال بن رودس: «اعتقد ان الروس ليس لديهم ما يضيفونه الى النقاش في الولاياتالمتحدة (...) رأينا روسيا ترفض باستمرار التحرك لمحاسبة نظام (الأسد) وتحاول تفادي المشكلات الجوهرية بكل الوسائل». وقال ان الروس: «ساندوا الأسد أياً كانت الوقائع ومهما فعل النظام (...) ولا نتوقع الحصول على تعاون من الروس في مسألة الأسلحة الكيماوية». في المقابل، حذرت روسياالولاياتالمتحدة من مخاطر توجيه ضربات الى مخزونات المواد الكيماوية. وقالت وزارة الخارجية في بيان: «نشعر بقلق خصوصاً أن بين الأهداف المحتملة للضربات مواقع بنى تحتية عسكرية تضمن امن الترسانة الكيماوية السورية». وتابع البيان «نحذر السلطات الأميركية وحلفاءها من اي ضربة لهذه المواقع الكيماوية والمناطق المجاورة لها»، معتبرة أن ذلك سيشكل «منعطفاً خطراً» في الأزمة السورية. وقالت الوزارة «سيكون هناك خطر انتشار مواد عالية السمية مع ما يترتب على ذلك من تبعات على السكان المدنيين والبيئة». وأضافت «كما لا يمكننا ان نستبعد ان تعطي مثل هذه الأعمال المتهورة للمتمردين والإرهابيين امكان الوصول الى اسلحة كيماوية» مشيرة الى مخاطر «انتشار السلاح الكيماوي ليس فقط في سورية بل كذلك خارج البلاد». وكان الموضوع السوري، ضمن محادثات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء التركي والمستشارة الألمانية التي ترى انه لا حل للنزاع الا سياسياً. وذكرت مصادر ألمانية ان مركل طلبت من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ان يقدم «في اسرع وقت ممكن» نتائج تحقيق خبراء الأممالمتحدة حول الهجوم الكيماوي. وقال الأمين العام الذي يعارض الخيار العسكري «علي أن احذر من أن عملاً عسكرياً غير معد بشكل جيد يمكن ان يؤدي الى نتائج مفجعة». وشملت المحادثات أيضاً لقاء بين الرئيس الروسي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون بحثا فيه «وجهات النظر حول سورية»، اضافة إلى لقاء بين وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس والروسي سيرغي لافروف. وقال المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي إنه لا يحق لأي دولة أن «تطبق العدالة بنفسها» وأن تقوم بعمل عسكري يستهدف سورية من دون موافقة مجلس الأمن. وكان الإبراهيمي يتحدث عقب اجتماعات مع وزراء خارجية منهم الروسي الذي قال إن دولاً كثيرة تدرك أن توجيه ضربة لسورية من دون دعم مجلس الأمن سيقضي على فرص التوصل لحل سياسي.