لندن، نيويورك، بيروت - «الحياة»، رويترز ، أ ف ب - بدأ الكونغرس يميل نحو تأييد طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما شن ضربة عسكرية لقوات نظام الرئيس بشار الأسد بعد تأييد زعيم الغالبية في مجلس النواب جيم باينر لتحرك عسكري، وهو ما قد يرجح الكفة لصالح الضربة خلال التصويت الأسبوع المقبل، في وقت أكد أوباما أن أي ضربة ترمي إلى «تحجيم قدرات» قوات الأسد، لكنه وضع ذلك ضمن «استراتيجية أوسع تتضمن مساعدة المعارضة وصولاً ل «مرحلة انتقالية» في سورية. في غضون ذلك، نقل موقع مجلة «در شبيغل» الألمانية الإلكتروني أول من أمس عن رئيس الاستخبارات الألمانية غيرهارد شيندلر قوله، إنه تم التقاط مكالمة هاتفية جرت بين «قيادي كبير» في «حزب الله» ومسؤول ديبلوماسي في السفارة الإيرانية في لبنان ذكر خلالها مسؤول «حزب الله» أن الأسد «فقد صوابه وارتكب خطأ كبيراً بإعطاء الأمر باستخدام الكيماوي». وتمكن البيت الأبيض أمس من تحقيق تقدم بالغ في استشاراته مع زعماء الكونغرس مع إعلان رئيس مجلس النواب الجمهوري تأييده للضربة، وأيضا زعيمة الأقلية الديموقراطية نانسي بيلوسي، إلى جانب وجوه معروفة في مجلس الشيوخ، مثل جون ماكين وليندسي غراهام وبوب كروكر. ويُعتبر تأييد باينر، الذي له تأثير على كتلة كبيرة من النواب الجمهوريين، منعطفاً حاسماً في الاستشارات، قد يعطي الإدارة الأصوات ال 218 اللازمة للموافقة على التحرك عسكرياً. وتبدو المهمة أقل تعقيداً في مجلس الشيوخ حيث هناك تأييد أكبر للتحرك، إنما بعد تعديل النص وجعل أي ضربة محددة الأهداف والنطاق، ومن ثم التصويت فور عودة الكونغرس الأسبوع المقبل. وأكد أوباما خلال لقائه النواب أمس، أن لدى واشنطن «ثقة كبيرة بأن سورية استخدمت وفي شكل عشوائي السلاح الكيماوي الذي قتل الآلاف، ضمنهم أكثر من 400 طفل» في الغوطتين الغربية والشرقية لدمشق. وأضاف أن في ذلك «انتهاكاً مباشراً للشرائع الدولية ضد استخدام الكيماوي.» واعتبر أن هذا الأمر «يشكل تهديداً للأمن القومي الأميركي وللمنطقة. وكنتيجة له تجب محاسبة الأسد». وتابع: «اتخذت قراراً بأن أميركا يجب أن تقوم بتحرك، وسنكون أكثر فاعلية وقوة إذا اتخذنا هذه الخطوة معاً كأمة» بعد موافقة الكونغرس. وخاطب الشعب الأميركي قائلاً إن «الخطة العسكرية المعدة من هيئة الأركان هي مناسبة، وأيضاً نسبية». ووصفها ب «المحدودة، ولا تشمل جنوداً على الأرض. هذه ليست العراق، وليست أفغانستان». وأكد أن الهدف منها رسالة واضحة أن هناك عواقب ليس فقط لنظام الأسد بل لدول أخرى قد تكون مهتمة بانتهاك هذه الشرائع الدولية». وقال أوباما إن الضربة «تعطينا القدرة لتحجيم قدرات الأسد عندما يتعلق الأمر بالسلاح الكيماوي، كما أنها ترتبط باستراتيجية أوسع يجب أن نضمن تحقيقها لاحقاً لتقوية المعارضة والوصول إلى مرحلة انتقالية تأتي بالسلام والاستقرار ليس فقط لسورية بل أيضاً للمنطقة». من جهته، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند امس، إن التهديدات التي أطلقها الأسد في حديثه إلى صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية ضد فرنسا عززت قناعته بضرورة معاقبته، داعياً الأسرة الدولية إلى الرد على المجزرة الكيماوية التي نفذها، لأن «من كان لديهم شك في نواياه ينبغي أن يكفوا عن ذلك، لأنه على استعداد لتصفية من يعارضه واستهدافه بغازات سامة». وأضاف هولاند خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الألماني يواكيم غوك، أنه عازم على بذل كل ما في وسعه لمواجهة التهديد الذي يمثله نظام الأسد بالنسبة إلى شعبه والمنطقة والعالم، لأن «هذا التهديد لن يزول طالما بقي نظامه قائماً». وأكد هولاند ضرورة حشد ائتلاف دولي واسع مع الولاياتالمتحدة وأوروبا والدول العربية والعمل بإصرار على حل سياسي بمشاركة كل الأطراف. ولمح إلى أن تشكيل مثل هذا الائتلاف مرتبط بتصويت الكونغرس الأميركي على العمل العسكري «لأن فرنسا لا يمكن أن تتحرك وحدها». في غضون ذلك، حصل توتر بعد إعلان موسكو إطلاق صاروخين في شرق البحر المتوسط مقابل السواحل السورية. واعترفت وزارة الدفاع الإسرائيلية امس، بأن إطلاقهما يندرج في إطار تدريبات عسكرية إسرائيلية-أميركية مشتركة، بعدما نفى بداية رصد إطلاق أي صواريخ بالستية في شرق المتوسط. ونقلت وكالة «انترفاكس» الروسية عن مصدر عسكري روسي، إن راداراً روسياً رصد جسمين عابرين أطلقا من وسط البحر المتوسط في اتجاه شرق البحر، لكن لا توجد مؤشرات إلى أن العاصمة السورية دمشق تعرضت لهجوم صاروخي. وأوضحت وزارة الدفاع الأميركية من جهتها، أن التجربة الصاروخية لا علاقة لها بالضربة العسكرية الأميركية المحتملة ضد سورية. وقال الناطق باسم «البنتاغون» جورج ليتل في بيان، إن «هذه التجربة لا علاقة لها بنية الولاياتالمتحدة شن عمل عسكري رداً على الهجوم السوري بأسلحة كيماوية». في هذا الوقت، أبدى «الائتلاف الوطني السوري» أمس، تخوفَه من هجوم جديد بالغازات السامة تشنه قوات نظام دمشق، مشيراً إلى تحرك ثلاث قوافل عسكرية تحمل أسلحة كيماوية في اليومين الماضيين. وقال الناطق باسم «الائتلاف» خالد صالح في مؤتمر صحافي في إسطنبول: «لدينا معلومات حديثة تشير إلى تحرك ثلاث قوافل عسكرية تحمل أسلحة كيماوية، ويمكننا أن نؤكد الآن أن اثنتين منها وصلتا إلى جهتهما». وأوضح صالح أن هاتين القافلتين انتشرتا في قرية قريبة من درعا (جنوب) وفي مطار الضمير العسكري في ضواحي العاصمة السورية دمشق. وأضاف: «لدينا مخاوف حقيقية، بناء على معلومات من مصادر داخلية في جيش الأسد من انه ينوي استخدام هذه الأسلحة الكيماوية ضد مدنيين أبرياء». وأعلن «الائتلاف» من جهة ثانية، أن خبيراً بالطب الشرعي في سورية لديه أدلة على تورط الأسد في استخدام أسلحة كيماوية في هجوم قرب حلب في آذار (مارس) الماضي، انشق وهرب إلى تركيا. وأضاف أن رئيس الأطباء الشرعيين في حلب عبد التواب شحرور سيعلن عما لديه من أدلة على تورط حكومة الأسد في هجوم بالأسلحة الكيماوية وقع في خان العسل في ريف حلب. ميدانياً، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، أن قوات النظام مدعومة بقوات من «جيش الدفاع الوطني» الموالية لها استعادت السيطرة على مدينة أريحا بعد عشرة أيام من القصف العنيف الذي تتعرض له المدينة منذ أن سيطرت عليها قوات المعارضة، لافتاً إلى أن أريحا مدينة استراتيجية لوقوعها على الطريق الدولية بين حلب (شمال) واللاذقية (غرب). وأشار إلى أن المدينة «تعرضت خلال الأسبوع الماضي لقصف متواصل من الطيران الحربي والمدفعية، إضافة إلى اشتباكات عنيفة بين الكتائب المقاتلة والقوات النظامية وقوات الدفاع الوطني». وهاجم مقاتلو المعارضة بئراً نفطية وأنبوب غاز في شمال شرقي البلاد. وتجددت المواجهات في أطراف دمشق وسط قصف عنيف من قوات النظام. وفي نيويورك، حصر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون شرعية استخدام القوة العسكرية في حالتين فقط هما «حال الدفاع عن النفس أو بناء على قرار يتخذه مجلس الأمن». ورفض استخدام كلمة «غير قانوني أو غير شرعي» رداً على سؤال ل»الحياة» حول ما إن كان إعلان الرئيس أوباما بأنه اتخذ قرار توجيه ضربة عسكرية الى مواقع في سورية. واكتفى بان بالقول إنه «يقدر توجه» أوباما الى «الشعب الأميركي والكونغرس وآمل أن تؤتي هذه العملية بنتائج». وأعلن بان أن تحديد ولاية لجنة التحقيق الدولية في استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية «هو قراري»، وأنه اتخذه «بناء على المعايير الدولية ومشاورات مع الهيئات الدولية»، بحيث «لا نعرف الطرف الذي استخدم الأسلحة الكيماوية» والاكتفاء «بطبيعة هذا الاستخدام ومداه». وحض بان مجلس الأمن على «تولي مسؤولياته تجاه الأمن والسلم الدوليين لتحديد الإجراءات الواجب اتخاذها في ضوء تقرير لجنة التحقيق» الدولية في استخدام اسلحة كيماوية في سورية. وقال إن ما شهدته سورية «بغض النظر عن مصدره فهو تصعيد خطير ويجب أن يشكل جرس إنذار للمجتمع الدولي مما يوجب التوصل الى إجراءات تحظر استخدام الأسلحة الكيماوية في المستقبل، ويجب أن نفكر في إجراءات عقابية بهدف وقف سفك الدماء». وقال إن تحديد الولاية «كان قراري وقرار الأممالمتحدة وهو جاء مبنياً على معايير المجتمع الدولي ومشاورات مع الهيئات الدولية». وأكد مجدداً أن «أي استخدام للسلاح الكيماوي هو جريمة حرب وانتهاك خطير للقانون الدولي». وأبلغ الأمين العام الأعضاء العشرة غير الدائمي العضوية في مجلس الأمن أن «لجنة التحقيق في استخدام أسلحة كيماوية في سورية تعمل على الإسراع في إنهاء التحليل المخبري للعينات والمعلومات التي جمعتها في سورية بما يتوافق مع الشروط والمعايير العلمية»، حسب ديبلوماسيين شاركوا في الاجتماع، وأنها «تعمل في أربع مختبرات في شكل متواز» لهذا الغرض. وقال ديبلوماسي شارك في الاجتماع إن الأمين العام «لم يعلن عن أي تفاصيل متعلقة بنتائج التحقيق، ولم يحدد الإطار الزمني الذي سيستغرقه التحليل المخبري للعينات والمعلومات المتعلقة بعمل لجنة التحقيق، لكنه أكد أن العمل سيتم في أسرع ما تسمح به المعايير العلمية، تمهيداً لوضع التقرير النهائي لعمل اللجنة». وأوضح أن «الأمين العام أبلغنا أن أربعة مختبرات في دولتين أوروبيتين تعمل على تحليل العينات والمعلومات. والدولتان الأوروبيتان ليستا من الدول الأعضاء في مجلس الأمن». وأضاف أن «أي خطوة في مجلس الأمن ستنتظر تقرير لجنة التحقيق، إذ ليس هناك من تحرك مرتقب في القريب العاجل داخل المجلس».