دخل الصراع السياسي في مصر مرحلة جديدة بمحاولة اغتيال فاشلة لوزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، إذ استهدفت موكبه سيارة مُفخخة جرى تفجيرها من بعد، ما أسفر عن إصابات في صفوف حراسه وعدد من المارة. ويُنذر الحادث بموجة من العنف تتخطى حدود الهجوم على مقرات أمنية أو اغتيال جنود وضباط في الشرطة والجيش إلى استهداف رجال الدولة والمسؤولين في النظام الجديد. وأعاد الحادث إلى الأذهان المواجهات المسلحة التي خاضتها الدولة في عقدي الثمانينات والتسعينات ضد الإرهاب، والتي كان تتخللها اغتيالات أو محاولات اغتيال لكبار المسؤولين والشخصيات العامة، ما منح الجهات الأمنية في مصر خبرة كبيرة في التعامل مع هذه المخططات. وقال مصدر أمني ل «الحياة» إن حقيبة متفجرات وُضعت في سيارة كانت متوقفة عند تقاطع شارعي شعراوي مع مصطفى النحاس في حي مدينة نصر (شرق القاهرة) قرب منزل وزير الداخلية، وتم تفجيرها من بعد أثناء مرور موكب الوزير، ما أسفر عن إصابة 21 شخصاً منهم 4 ضباط و6 أمناء للشرطة بترت ساق أحدهم و11 مدنياً بينهم طفل بترت ساقه وسيدتان انكليزية وصومالية. ولحقت أضرار بالغة بسيارة الوزير المصفحة التي أهداها له وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي قبل أكثر من أسبوعين بسبب ورود معلومات عن إمكان تعرّض إبراهيم لمحاولة اغتيال في أعقاب فض اعتصامي جماعة «الإخوان المسلمين» (رابعة العدوية والنهضة). وفور وقوع التفجير، أطلقت القوة المولجة حماية وزير الداخلية النيران من أجل إجلائه بعدما اطمأن الضباط إلى سلامته. وخرج إبراهيم من سيارته تحت غطاء كثيف من طلقات النيران ليستقل مدرعة للشرطة حضرت سريعاً من قوات التأمين المُكلفة حراسة منزله. وأكد وزير الداخلية أنه «سيواصل حربه الشرسة على قوى الإرهاب الأسود». وروى أنه «أثناء خروجه من شارع شعراوي إلى شارع مصطفى النحاس متوجهاً إلى مقر الوزارة، فوجئنا بانفجار هائل أمام الموكب ونشوب الحريق بسيارة الحراسة الأولى وكذلك بمقدمة سيارتي الشخصية وأصوات صراخ شديدة بالشارع، ونزلت من السيارة على الفور لاستطلاع الأمر ولكن طاقم الحراسة الخاص بي طلب مني مغادرة المكان على الفور، لكني أصررت على التأكد من عدم وفاة أي منهم أو من المواطنين أولاً، وعقب ذلك ذهبت إلى المنزل لتغيير ملابسي والتوجه مرة أخرى إلى مكتبي لمواصلة مهمات عملي». وأضاف أن التحريات الأولية للحادث دلت على تورط عناصر أجنبية ومصرية فيه، مشيراً إلى أنهم «قاموا بزرع قنبلة كبيرة الحجم وشديدة الانفجار داخل حقيبة إحدى السيارات المتوقفة على الجانب الأيمن لشارع مصطفى النحاس، وفجروها عن طريق جهاز تفجير من بعد». ونفى مصدر أمني ل «الحياة» العثور على أشلاء «انتحاري» في السيارة المفخخة، على رغم أن بياناً لوزارة الداخلية تحدث عن فرضية «التفجير الانتحاري»، إلا أن المصدر جزم بأنه لم يتم العثور على أشلاء في السيارة. كما نفى حدوث مطاردة مع عناصر يُرجح تورطها في الحادث. ودانت رئاسة الجمهورية محاولة اغتيال وزير الداخلية. وقالت في بيان إنها «لن تسمح للإرهاب الذي سبق أن دحره الشعب المصري في الثمانينات والتسعينات أن يطل بوجهه القبيح من جديد». كما دان مجلس الوزراء «الحادث الارهابي والاعتداء الآثم». وبعث وزير الدفاع الفريق أول السيسي برسالة إلى وزير الداخلية قال فيها إن القوات المسلحة «تساند وتشد من أزر رجال الشرطة في مواجهة الجريمة والقبض على الخارجين عن القانون وبسط الاستقرار الأمني في ربوع مصر». وسارعت جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفاؤها إلى إدانة الحادث والتبرؤ من منفذيه. وقال القيادي في جماعة «الإخوان» وزير التخطيط السابق الدكتور عمرو دراج إن «التفجير مدان أياً كان مرتكبوه ونحن نؤكد مجدداً منهجنا السلمي». كما دانت «الجماعة الإسلامية» الحادث «أيا كانت الجهة التي تقف وراءه وأيا كانت مبرراتها».