كثفت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر من دعوتها إلى الحشد لتظاهرات اليوم التي سمّتها «الشعب يسترد ثوريته»، وسط استنفار أمني ترقباً للاحتجاجات التي رفعت الجماعة من سقف توقعاتها إزاءها، بعد أسبوع من التظاهرات شهدت حشوداً ضعيفة لم تجد صدى في الشارع، فيما تعهدت وزارة الداخلية في بيان «التصدي بحزم وقوة» لأي «محاولة للتأثير في الاستقرار والأمن». وأوقفت قوات الشرطة أمس القيادي في حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، محمد البلتاجي في منطقة ترسا في محافظة الجيزة، علماً بأن البلتاجي من أكثر الأصوات التي تمسكت بالحشد والمُضي في التصعيد ضد الحكم الموقت حتى آخر لحظة، إذ دعا في تسجيل بثته قناة «الجزيرة مباشر مصر» قبل ساعات من توقيفه إلى الحشد اليوم بقوة. ووصفت «الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة»، وهى إحدى الصفحات التابعة للجيش على موقع «فايسبوك»، البلتاجي بأنه «رأس الفتنة. يكذب كما يتنفس. وكان أول الهاربين من الميدان عند فض اعتصام رابعة العدوية رغم صراخه بالصمود والشهادة. هو رأس الفتنة المحرضة للشباب المغرر به، وهو همزة الوصل مع منفذي العنف الداخلي ومع مجرمي الإرهاب الأسود في سيناء». وأطل البلتاجي وعضو مكتب إرشاد الإخوان ومفتي الجماعة الدكتور عبدالرحمن البر والقيادي في الجماعة عصام العريان والداعية محمد عبدالمقصود عبر شاشة «الجزيرة مباشر مصر» لحض الجماهير على المشاركة في تظاهرات اليوم، ما أظهر أن أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي يراهنون بشدة على الحشد اليوم الذي كانوا دعوا إليه قبل أسابيع، خصوصاً أن الجماعة و»تحالف دعم الشرعية» المؤيد لمرسي أصروا على أن عشرات الملايين يشاركون في التظاهرات المؤيدة لمرسي، رغم أن الحشود على الأرض لا تتجاوز بضعة آلاف، لذا بدا أنهم يريدون إظهار قدرتهم على الحشد رغم الحملة الأمنية التي طاولت قيادات الجماعة. وقال العريان في تسجيل بثته «الجزيرة مباشر مصر» إن «الشعب سيقود الثورة بنفسه لأنه صاحب المسيرة. أحيي صمود الشعب وثباته واستمراره في قيادة المسيرات في القرى والنجوع والمدن، أحيي الشباب الذي ابتكر أساليب جديدة للتظاهر». وأضاف: «عاد أركان النظام السابق ليسيطروا على مقدرات الشعب من جديد. وما يسمّى بالحرب على الإرهاب حرب وهمية، ووهم اخترعوه». وقال: «موعدنا يوم الجمعة وما قبله وما بعده لتواصلوا مسيرة النضال والكفاح والجهاد بشكل سلمي». من جانبه، قال البلتاجي في تسجيل مماثل إن «اعتصام رابعة العدوية أصبح رمزاً للحرية في العالم كله. قضيتنا عادلة ونتطلع لحياة كريمة لا وصاية عليها لا من الداخل أو الخارج». وحض أنصار مرسي على الاستمرار في الحشد. كما طالب الداعية محمد عبدالمقصود المصريين بالخروج والتظاهر اليوم ل «التحرر من رق العبودية». وقال عبدالرحمن البر: «لن يضيع حق وراءه مطالب. نحن مستمرون في النزول في شوارع وميادين مصر في حالة شعبوية. ولا مجال لاستخدام السلاح في مصر، فهذا يخرجنا من المسار الطبيعي الذي اخترناه لثورتنا السلمية لنواجه الجائر بكلمة الحق». ودعا المصريين إلى «الخروج في تظاهرات سلمية اليوم لا تحمل سلاحاً ولا يتم استفزازها ولا تنتهج العنف». وأظهرت جماعة الإخوان تحدياً بأن دعت إلى تنظيم وقفة احتجاجية بعد صلاة الجمعة اليوم أمام قصر الاتحادية الرئاسي، فيما درجت السلطات الأمنية على إغلاق كل الطرق المؤدية إلى القصر أو المنشآت العسكرية التابعة للجيش والمؤسسات الأمنية المهمة في أيام الجمعة التي يبدأ فيها تطبيق قرار حظر التجول بدءاً من السابعة مساء بدل التاسعة في الأيام العادية. وردت وزارة الداخلية على تلك التصريحات بأن أكدت في بيان «جاهزية قواتها الكاملة لمواجهة أية تداعيات أو خروج عن القانون والتصدى بكل حزم وقوة لمحاولات التأثير على استقرار الأمن العام أو التعدي على المنشآت الحكومية أو الشرطية أو الدينية فى إطار ما كفله القانون لقواتها واستخدام الذخيرة الحية وفقا لضوابط حق الدفاع الشرعي». واضاف البيان إن «وزارة الداخلية تثق كل الثقة فى وعي الشعب المصري وإدراكه الكامل بكل محاولات الاخلال باستقرار المجتمع». وظهر أن تركيز قيادات الإخوان على بث كلماتهم عبر قناة «الجزيرة مباشر مصر» سيدفع السلطات إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات ضدها، بعدما تم وقفها، إذ قال وزراء الاستثمار والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والإعلام، وهم المعنيون بمنح التصاريح القانونية الواجبة لأي قناة أجنبية تعمل على أرض مصر، إن «قناة الجزيرة مباشر مصر تعمل بلا سند قانوني أو معايير مهنية سليمة، وغير مصرح لها بالعمل في مصر». وقال الوزراء في بيان إن «القناة لا تملك سنداً قانونياً لوجودها في مصر، وثبت أنها لم تحصل على أي من التراخيص والتصاريح الواجب الحصول عليها مقدما لممارسة عملها على الأراضي المصرية، وأنها تستخدم في ذلك معدات للبث الفضائي لم يرخص لها باستخدامها. وأهاب البيان ب»القنوات العربية والأجنبية العاملة في مصر الالتزام بما تفرضه القوانين والإجراءات احتراماً لسيادة الدولة». وحضّ «تحالف دعم الشرعية» المصريين على الاستمرار في الحشد اليوم، متوقعا «حشدا غير مسبوق» في جمعة «الشعب يسترد ثورته». لكن الدعوة السلفية، وهى إحدى أهم مكونات التيار الإسلامي، دعت أنصار مرسي إلى إعادة النظر في قرار تظاهرهم اليوم. وقال نائب رئيس الدعوة ياسر برهامي إن «تلك المظاهرات يندس وسطها مثيرو الشغب وتسبب مزيداً من كراهية الناس. أناشدكم بالله أن تراجعوا صحة التقارير التى ترفع لكم عن حقيقة موقف الشعب منكم، ومن عودة الدكتور محمد مرسي التي ما زلتم تطالبون بها، فهي تقارير خاطئة مضللة». وواصلت قوات الشرطة توقيف قيادات تنظيمية في جماعة الإخوان في المحافظات، وأعلنت أمس توقيف عشرات من أعضاء التنظيم ضبطوا بحوزتهم أسلحة. وألقت قوات الجيش القبض على 22 من أنصار «الإخوان المسلمين» بتهمة «محاولة اقتحام كمين تابع للجيش» في مدينة بني سويف جنوب مصر.