ساهم مهرجان عمّون لمسرح الشباب في رفد الحراك الفني في الأردن بالدماء الشابة والطاقات المتجددة، منذ أطلقته نقابة الفنانين في العام 1991، على رغم تعثره لستّ دورات. المهرجان الذي اختُتمت دورته الثانية عشرة برعاية وزيرة الثقافة الاردنية لانا مامكغ، لم يحظَ بمشاركة عربية هذا العام، وهو ما حدث في الدورة السابقة أيضاً. ومن المسرحيات التي لفتت الجمهور في هذه الدورة «شرود» عن نص «الموت والعذراء» للتشيلي أرييل دورفمان التي قدمتها الجامعة الأردنية ضمن الموجة الجديدة لمسرح الشباب، بعد ظاهرة «الربيع العربي». وتدين المسرحية السياسات الأمنية في الأقطار العربية كونها تتسبب بتآكل مؤسسات المجتمع المدني. طرحت حكاية المسرحية التي أخرجها عبدالله الجريان، ما فعلته الأجهزة الأمنية من تدمير لحياة شاب جامعي يدعى «مراد»، عبر تعذيبه نفسياً وجسدياً، ما إدى به إلى تركه الدراسة وتقهقر حياته الاجتماعية. في إعداده لنص العرض الذي أشرف عليه فادي سكيكر، أدخل الجريان تغييراً جوهرياً. ففي النص الأصلي، تغتصب الأجهزة الأمنية فتاة لإجبارها على كشف أسماء أعضاء في مجموعات المقاومة، بينما ضحية الاغتصاب في هذه المسرحية طالب جامعي. فضلاً عن أن المسرحية في النص الأصلي تنتهي بقتل الفتاة للضابط الذي اغتصبها، بينما يسامح الشاب مغتصبه في نص الجريان «حرصاً على المصلحة الوطنية!». وتناولت «ترنيمة الحوت المهجور» التي قدمتها أريج الجبور مُخرجةً، وأعد نصها محمد المعايطة عن نص أيف لوبو، المخاوف والهواجس التي تنتاب الإنسان، خصوصاً عندما يبدأ جسده بالوهن، ويغدو وحيداً مقصياً عن دفء الأسرة. هذه الثيمة الوجودية تشيع في مجتمعات الغرب أو الواقعة في إسار النظام الرأسمالي، حيث تتعرض الأسرة للتفكك تبعاً للعوامل والظروف الخاصة بأبنائها. أنشأت الرؤية الإخراجية فضاءاتها الدلالية وفق حقل من العلامات السمعية والمرئية، نهضَ أداءُ الممثل في إنشائه سيميائياً، وبخاصة الحوار الإيقاعي المتلاحق الذي وُظّف درامياً لإنشاء حالة من الشحن والتوتر، خلال مشهد ضغط الإبنين على الأم لتوافق على الانتقال إلى دار للعجزة. وقررت لجنة التحكيم الخاصة بالمهرجان الذي نظمته مديرية الفنون والمسرح بوزارة الثقافة بالتعاون مع نقابة الفنانين، منح الجائزة الذهبية لأفضل عمل متكامل، مناصفةً بين «ترنيمة الحوت المهجور» و «تضاد القمامة» للمخرج وحيد القواسمة. وبهذا القرار تلغي لجنة التحكيم الجائزة الثانية (الفضية)، ذلك أن لا جوائز في المهرجان سوى هاتين الجائزتين. وتبلغ قيمة الجائزة الذهبية الأولى ألف دينار (1400 دولار) والثانية الفضية خمسمئة دينار (700 دولار). من جهة أخرى، انسحبت المخرجة جويس الراعي من المسابقة الرسمية للمهرجان الذي عرضت فيه «شريط فاضي» المستقاة أحداثها من «شريط كراب الأخير» لصموئيل بيكيت. وعللت انسحابها بتصريحها إلى «الحياة» إنها لم تكن تعلم أن هناك تنافساً في المهرجان، معتبرة أن الفكرة الأساسية فيه هي أن يقدم الشباب أفكارهم ويتعرفوا على تجارب بعضهم. وكانت المسابقة الرسمية للمهرجان شهدت تنافساً بين مسرحيات «البداية» للمخرج محمد الردايدة، و «جيجو» لادريس الجراح، و «تضاد القمامة» و «ترنيمة الحوت المهجور». وعن الجديد في هذه الدورة، قال مدير المهرجان المخرج محمد الضمور: «استطعنا استقطاب عروض من المحافظات والجامعات، من خلال إتاحة المجال لمشاريع التخرج فيها الحائزة الامتياز لتُعرض ضمن المهرجان».