ساهمت مبادرات عدة للحكومة البريطانية والقطاع الخاص، في توسيع نطاق سوق التمويل الإسلامي في البلد في وقت توشك بريطانيا أن تخسر المصارف الإسلامية الست العاملة فيها. وفي حزيران (يونيو) أضحت بريطانيا أول دولة غربية تبيع صكوكاً سيادية، ما عزز القطاع مع اشتداد المنافسة بين المراكز المالية العالمية على نصيب من سوق المعاملات الإسلامية. وأصدرت مجموعة «سيتي يو كيه» تقريراً أشارت فيه إلى أن في بريطانيا 22 شركة تقدم أدوات مالية متوافقة مع الشريعة بلغت أصولها نحو 19 بليون دولار العام الماضي، من بينها ستة مصارف إسلامية مثل «بنك لندن والشرق الأوسط» و «البنك الإسلامي الأوروبي للاستثمار» و «غيتهاوس بنك» و «البنك الإسلامي البريطاني». وأفاد مسؤول حكومي بريطاني الأسبوع الماضي بأن المصرف المركزي يعتزم طرح أداة لإدارة السيولة تستخدمها المصارف الإسلامية، بينما تتوقع وكالة ائتمان الصادرات البريطانية أن تضمن صكوكاً للمرة الأولى في العام المقبل، تعود لأحد زبائن لشركة «إرباص». وفي أيار (مايو) توسع «بنك إنكلترا» في أنواع أدوات الدين المتوافقة مع الشريعة التي يمكن أن تستغلها المصارف الإسلامية لدعم السيولة لديها. ولا يشكل حجم معاملات المصارف الإسلامية سوى نسبة تقل عن واحد في المئة من حجم القطاع المصرفي في بريطانيا مقارنة بنسبة 25 في المئة في منطقة الخليج. لكن المبادرات الرسمية الجديدة تُرجح أن تهيء بيئة مؤاتية للتمويل الإسلامي وأن تتيح للمصارف مزيداً من الكفاءة والمرونة في التعاملات وبالتالي خفض الكلفة. ووفق الوتيرة التي تتحرك بها المبادرات، يمكن أن تتيح أداة إدارة السيولة لبريطانيا التفوق على بعض دول الخليج من حيث الخيارات المتاحة. وقال الرئيس التنفيذي ل «البنك الإسلامي البريطاني» (مقره برمنغهام)، سلطان تشودري، على هامش مؤتمر في دبي «اللوائح الجديدة تسمح للمصارف الإسلامية بالاحتفاظ بأدوات متنوعة من الصكوك مثل تلك التي تصدرها الحكومة القطرية أو الشركات السعودية وغيرها». وعلى رغم ذلك أفاد «البنك الأوروبي الإسلامي للاستثمار» في إشعار بأنه يُجري مفاوضات مع الجهة التنظيمية للتخلي عن ترخيصه المصرفي. وفي ظل استراتيجية تمتد من 2012 إلى 2016 يتخارج «البنك الأوروبي الإسلامي» من الاستثمارات المباشرة بحثاً عن دخل أكثر استقراراً من إدارة الأصول والخدمات الاستشارية. وبإلغاء رخصة تلقي الودائع يتخلص المصرف من الشروط الصارمة الخاصة برأس المال والإفصاح. وفي تموز (يوليو) فشل البنك في نيل موافقة الجهة التنظيمية على تعيين مدير مالي. وتعدل مصارف أخرى إستراتيجيتها، ففي آب (أغسطس) قال الرئيس التنفيذي ل «بنك غيتهاوس» في تصريح إلى وكالة «رويترز» إن المصرف «يهدف إلى إبرام عدد أكبر من الصفقات خارج الأسواق العقارية المحلية». ويطور «بنك لندن والشرق الأوسط»، أكبر بنك إسلامي في بريطانيا، خدمات مصرفية خاصة بالتعاون مع «بنك معاملات» الماليزي. وتبحث مؤسسات غير مصرفية مثل «لندن سنترال بورتفوليو» لإدارة الأصول عن فرص، وكانت قد دشنت صندوقين عقاريين متوافقين مع الشريعة في كانون الأول (ديسمبر). وفي الأسبوع الماضي أعلن مشروع محطة كهرباء «باترسي» في لندن حصوله على قرض إسلامي مجمع بقيمة 467 مليون استرليني (754 مليون دولار) في إحدى أكبر الصفقات للقطاع المصرفي الإسلامي في البلاد.