أعلن رئيس حركة النهضة الإسلامية، راشد الغنوشي، التي تقود الإئتلاف الحاكم في تونس موافقته على إستقالة الحكومة الحالية، وإستبدالها بأخرى محايدة ، وذلك في تراجع لافت عن مواقفه السابقة شمل أيضا قانون العزل السياسي الذي يُعرف في تونس بإسم"قانون تحصين الثورة". وقال الغنوشي في حديث بثته القناة التلفزيونية التونسية الخاصة"نسمة تي في" ليل الأحد-الإثنين، إن حركة النهضة الإسلامية "تقبل بحل الحكومة الحالیة بشرط أن یكون البدیل جاهزاً، حتى لا تُترك البلاد في حالة فراغ". وأوضح "لقد قبلنا مقترح الإتحاد العام التونسي للشغل المتعلق بحل الحكومة ، ولكن قلنا تعالوا للحوار لبلورة طبيعة الحكومة، من سيرأسها ما هي مهماتها..، ولن نتراجع عن هذا الموقف". وأضاف "نحن على إستعداد لحل الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة إنتخابية، وذلك بالحوار الذي يمكن ان يتواصل لمدة شهر واحد يتم فيه تشكيل هذه الحكومة وتحديد موعد للإنتخابات". ويُعد هذا الموقف تراجعاً كبيراً عن المواقف السابقة لحركة النهضة الإسلامية التي ما فتئت تؤكد رفضها مطلب المعارضة المتعلق بحل الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة كفاءات محايدة . غير أن هذا التراجع لا يرقي لدرجة الإستجابة لمطلب المعارضة الذي ينص على ضرورة إستقالة الحكومة الحالية قبل البدء في أي حوار لمناقشة بقية القضايا الخلافية العالقة. ويُساند موقف المعارضة الإتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد) الذي كان قد تقدم بمبادرة مشتركة مع عمادة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمة أرباب العمل لإخراج البلاد من المأزق السياسي الذي دخلت فيه منذ إغتيال المعارض محمد براهمي في التاسع والعشرين من الشهر الماضي. ويرى الإتحاد العام التونسي للشغل أن المدخل للحوار يفترض إعلان الحكومة الحالية التي يرأسها علي العريض القيادي في حركة النهضة الإسلامية إستقالتها بشكل واضح لا لبس فيه. ومن جهة اخرى، ترافق تراجع حركة النهضة الإسلامية عن تمسكها بالحكومة الحالية، مع تراجع لا يقل أهمية حيث أعلن الغنوشي تخلي حركته عن قانون العزل السياسي الذي يُعرف في تونس بإسم"قانون تحصين الثورة" المثير للجدل. وقال الغنوشي في حديثه مع قناة "نسمة تي في"، إنه لا مجال لتمرير "قانون تحصين الثورة" قبل الإنتخابات القادمة، وربما يدمج هذا القانون في موضوع العدالة الإنتقالية، وهي مسألة قد تستغرق سنوات عديدة...". وبرر هذا التراجع بالقول إن " أولويات البلاد اليوم تختزل بالأساس في الحوار، والتوافق، وإستكمال المسار الإنتقالي، وليس في معالجة الملفات العالقة مثل "قانون تحصين الثورة والعدالة الانتقالية". يُشار إلى أن مشروع قانون "تحصين الثورة" المثير للجدل تقدّمت به حركة النهضة ، وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وحركة وفاء، بالإضافة إلى كتلتي الكرامة والحرية، والمستقلين الأحرار بدعوى "حماية الثورة التونسية من الإلتفاف عليها من الحزب الحاكم السابق". ويهدف مشروع القانون المذكور إلى حرمان العديد من المسؤولين بالحزب الحاكم سابقاً، والحكومات التونسية المتعاقبة منذ العام 1987 ولغاية 14 كانون الثاني/يناير 2011 من حقوقهم المدنية والسياسية. وانتقدت عدة منظمات حقوقية تونسية وأجنبية منها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ومنظمة "هيومن رايتس ووتش"، و"مركز كارتر" مشروع القانون، ودعت إلى ضرورة ضمان الحقوق الأساسية للمواطن، ومنها حق الإنتخاب، بينما رفضته المعارضة ووصفته بالقانون الإقصائي "الهدف منه إقصاء الخصوم السياسيين لحركة النهضة الإسلامية، ومصادرة لإرادة الشعب".