تظاهر الآلاف في تونس العاصمة مساء السبت في اليوم الأول من الحملة التي أطلقتها المعارضة تحت شعار «أسبوع الرحيل» وتهدف إلى إسقاط الحكومة، بعد شهر من اندلاع الأزمة السياسية في البلاد. وتجمع المتظاهرون في مسيرة باتجاه ساحة «باردو» المواجهة للمجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) حيث ينفذ أعضاء في المجلس ومتظاهرون منذ شهر اعتصاماً للمطالبة باستقالة الحكومة التي تقودها حركة «النهضة». وكانت الأزمة بدأت قبل نحو شهر في أعقاب اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي على أيدي «إسلاميين متشددين» حسب وزارة الداخلية. ودعت قيادات في «جبهة الإنقاذ» المعارضة، التي تضم أحزاب «نداء تونس» و»الجمهوري» و»المسار» و»الجبهة الشعبية» وجمعيات مدنية، إلى مواصلة الاعتصام حتى إسقاط حكومة علي العريض وتشكيل حكومة كفاءات غير حزبية. ورفع المتظاهرون شعارات مناهضة لحكم الإسلاميين في تونس من قبيل «الاستقالة يا حكومة العمالة» و «يسقط يسقط حكم مرشد»، في إشارة إلى راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، و «حل المجلس التأسيسي واجب». وهدد النائب القيادي في «الجبهة الشعبية» اليسارية، منجي الرحوي، بنقل الاعتصام إلى مقر رئاسة الحكومة في القصبة، قائلاً «إن لم تسقط الحكومة قبل نهاية الشهر الجاري سنذهب إلى القصبة لمحاصرتها وإرغامها على الاستقالة». كما جدد النائب في الحزب «الجمهوري» المعارض، أياد الدهماني في تصريح إلى «الحياة» تمسك قوى المعارضة باستقالة حكومة علي العريض قبل الاشتراك في أي حوار وطني. وأضاف «ليس لنا ثقة في التحالف الحكومي، فإن قبلنا بالحوار قبل استقالة الحكومة سنفتح المجال أمام المماطلة والمناورة، وقد تدوم الأزمة وقتاً أكثر من اللازم». وكانت حركة «النهضة» التي تقود الائتلاف الحاكم أعلنت عن قبولها مبادرة «الاتحاد العام التونسي للشغل» (أكبر منظمة عمالية في البلاد) الداعية إلى تشكيل حكومة كفاءات وطنية مع الإبقاء على المجلس التأسيسي وتحديد سقف زمني لإنهاء أشغاله. وقال القيادي في «النهضة» عامر العريض ل «الحياة» إن حركته اتفقت مع عدد من الأحزاب على «أن تكون الحكومة التي ستشرف على الانتخابات المقبلة محايدة وتقف على نفس المسافة من كل الأحزاب السياسية»، مشدداً على أن الحكومة لن تستقيل قبل توافق القوى السياسية في الحوار الوطني الذي سيشرف عليه «الاتحاد العام التونسي للشغل». وتباينت تقديرات عدد المشاركين في التظاهرات، لكن الغالبية تجمع على أنها كانت أصغر من التظاهرتين الضخمتين اللتين نظمتهما المعارضة في 6 و 13 الجاري، وشارك في كل منهما أكثر من 150 ألف متظاهر، حسب المنظمين. وتتواصل الأزمة السياسية في البلاد نظراً لتمسك «النهضة» بعدم استقالة الحكومة قبل الاتفاق على حكومة الكفاءات المقبلة، بينما تشترط قوى المعارضة الرئيسية استقالة الحكومة قبل الدخول في أي حوار أو تفاوض مع «النهضة». وتعيش تونس منذ اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي أزمة سياسية عطلت مؤسسات الدولة وأهمها المجلس الوطني التأسيسي في هذه الفترة الانتقالية، وتعطلت أشغال المجلس الذي تحوز «النهضة» أغلب مقاعده بعد انسحاب أكثر من 70 نائباً من المعارضة والمستقلين وبعد إعلان رئيسه مصطفى بن جعفر عن إيقاف إشغاله إلى حين التوصل إلى حل للأزمة السياسية التي تمر بها البلاد منذ أكثر من شهر.