رزئت الأمة الإسلامية والقارة الأفريقية بل عالم الإنسان بفجيعة في يوم الخميس الثامن من شوال 1434ه حين أعلن عن وفاة الداعية الدكتور عبدالرحمن السميط، الداعية الكويتي ومؤسس جمعية العون المباشر - لجنة مسلمي أفريقيا سابقاً - ورئيس مجلس البحوث والدراسات الإسلامية. ولد في الكويت عام 1947 وأسلم على يديه أكثر من 11 مليون شخص في أفريقيا، وبنى أكثر من 5 آلاف مسجد بعد أن قضى أكثر من 29 عاماً ينشر الإسلام في القارة السمراء. كان طبيباً متخصصاً في الأمراض الباطنية والجهاز الهضمي، تخرج في جامعة بغداد بعد أن حصل على بكالوريوس الطب والجراحة، ثم حصل على الدبلوم من جامعة ليفربول عام 1974، واستكمل دراساته العليا في جامعة ماكجيل الكندية متخصصًا في الأمراض الباطنية والجهاز الهضمي. نال السميط عدداً من الأوسمة والجوائز مكافأة له على جهوده في الأعمال الخيرية ومن أرفع هذه الجوائز جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام والتي تبرع بمكافأتها البالغة 750 ألف ريال لتكون نواة للوقف التعليمي لأبناء أفريقيا، ومن عائد هذا الوقف تلقت أعداد كبيرة من أبناء أفريقيا تعليمها في الجامعات المختلفة. في مدرسة عبد الرحمن السميط تعلمت كيف تكون الحياة في سبيل الله والبذل له، ويصدق فيه قول الشاعر: إذا ما مات ذو علم وتقوى فقد ثُلِمت من الإسلام ثُلمة وموتُ الحاكم العدلِ المولّى بحكم الشرع منقصةٌ ونقمة وموت العابدِ القوّام ليلاً يُناجي ربّه في كل ظلمة وموتُ فتىً كثير الجود محلٌ فإن بقاءه خصبٌ ونعمة وموتُ الفارس الضرغام هدمٌ فكم شهِدتْ له بالنصر عزمة فحسبُك خمسةٌ يُبكى عليهم وباقي الناس تخفيف ورحمة وكان - رحمه الله - العابد التقي الجواد الفارس. في مدرسة السميط تعلمت كيف تكون بيوت الدعاة، فوراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة، وكيف شاركت حرم الدكتور السميط وريه محمد البداح الخشرم - خريجة كلية التجارة وأم لخمسة من الأبناء - زوجها في رحلاته الدعوية في أدغال أفريقيا، ومثلت لنا الصورة الحية والتطبيق الواقعي لزوجة الداعية الداعمة له. في مدرسة السميط تعلمت كيف يكون الرجل أمة، وكيف تتفوق الجهود الصادقة الفردية على كثير من المؤسسات والجهات، وأن اليد الواحدة قد لا تستطيع التصفيق لكن بيدها القدرة على حمل المصباح ليعم النور الأدغال. في مدرسة السميط رأيت ما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أحمد والترمذي من حديث أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره»، وأن الخير باق في هذه الأمة ما بقيت الحياة، وأن السميط أنموذج الخير ورائد العمل الدعوي الأفريقي لم يمت لأن آلافاً مثله بيننا. في مدرسة السميط تعلمت أن من ترك له أثراً طيباً لم يمت، لأن العمر ينقطع والصدقات الجارية لا تنقطع، فما انقطع أجر من أسلم على يديه ملايين من البشر وبنى آلافاً من المساجد والآبار، وعلّم وخرّج، فنسأل الله أن يتقبله في الصالحين. في مدرسة السميط تعلمت الكثير والكثير من الذي أسأل الله أن ننتفع به، وما مات عبد الرحمن لأنه شجع على الكثير في دواخلنا. إضاءة: عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَجَبَتْ ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَجَبَتْ ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا فَقَالَ: وَجَبَتْ، فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ: فَقُلْتُ: وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ" فَقُلْنَا: وَثَلَاثَةٌ؟ قَالَ: "وَثَلَاثَةٌ" فَقُلْنَا: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: "وَاثْنَانِ" ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنْ الْوَاحِدِ. أخرجه البخاري. * داعية، وأكاديمية سعودية. [email protected]