أكدت منظمة «بتسيلم» الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 أن لديها إفادات عن عشرات حوادث التنكيل والتعذيب لقاصرين فلسطينيين على أيدي أفراد الشرطة الإسرائيلية أثناء التحقيق معهم من أجل إرغامهم على الاعتراف بارتكاب «مخالفات أمنية»، مثل إلقاء الحجارة على قوات الاحتلال. وأضافت أن وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة في وزارة القضاء المعروفة ب «ماحش»، باشرت التحقيق مع عناصر الشرطة المشتبه بقيامهم بالتنكيل والتعذيب في ثماني حالات. وجاء في تقرير عممته المنظمة الحقوقية أمس على وسائل الإعلام أنّ محققين في محطة شرطة التكتل الاستيطاني «غوش عتصيون» جنوبالقدسالمحتلة «نكّلوا بالقاصرين كي يعترفوا بإلقائهم الحجارة». ونقلت عن القاصرين إفاداتهم بأنهم تعرضوا إلى «عنف جسديّ شديد أثناء التحقيق أو ان الاستجواب وصل في بعض الحالات حدّ التعذيب، مثل الصفع واللكم والركل والضرب بأغراض مختلفة مثل المسدس أو العصا، فضلاً عن تعرّضهم الى التهديدات». وقال عدد من القاصرين أن التحقيق الرسميّ والمسجّل لم يبدأ إلا بعد اعترافاتهم الأولية أمام محقق يرتدي الملابس المدنية بإلقاء الحجارة. وأضاف البعض أنه تعرّض للتهديد بالاعتداء جنسياً عليه أو على نساء العائلة، أو ضرب المعتقلين بصعقة كهربائية «على نحو يلحق الأذى بخصوبتهم». وقال أحد القاصرين، ويبلغ من العمر 14 عاماً من قرية حوسان الفلسطينية، في إفادته أمام منظمة «بتسيلم»: «أدخلني المحقق إلى غرفة، أمسكني برأسي وبدأ بضربه في الحائط، ثم لكمني وصفعني وركلني على رجلي... كان الألم هائلاً وشعرت بأنني غير قادر على الوقوف على قدميّ، وبعدها بدأ المحقق بشتمي وقال أموراً نابية جداً عني وعن أمي. وهدّد باغتصابي وبارتكاب أفعال جنسية معي إذا لم أعترف بإلقاء الحجارة». وتابع: «كنت خائفاً جداً من تهديداته لأنه كان قاسياً جداً ولأننا كنا وحدنا في الغرفة، وتذكّرت ما رأيته في الأخبار عن جنود بريطانيين وأميركيين اغتصبوا وصوّروا مواطنين عراقيين وهم عراة». وأشارت المنظمة إلى أن الحالات الثماني التي طلبت من وحدة التحقيق مع الشرطة معالجتها ليست سوى جزء يسير من 64 إفادة جمعتها المنظمة منذ تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2009 من فلسطينيين من بيت لحم والخليل، غالبيتهم من القاصرين، وتتعلق بممارسة العنف أثناء التحقيق في «محطة عتصيون». وتابعت أنه بين السنوات 2009-2013 سلّمت المنظمة إلى «ماحش» 31 شكوى مرتبطة بالموضوع وأنه في سائر الحالات التي وثقتها، فضل المحقّق معهم أو عائلاتهم عدم تقديم شكوى إلى «ماحش» خشية أن يؤدي الأمر إلى المسّ بالأبناء الذين تم التحقيق معهم وإلى إلغاء تصاريح الدخول إلى إسرائيل، وإمّا نتيجة لانعدام الثقة بشكل عام بالجهاز القضائي الإسرائيلي». ولاحقاً، تراجع 20 شخصاً عن نيّتهم تقديم شكوى في «ماحش» والإدلاء بإفاداتهم، وهكذا وصل العدد الإجمالي للتحقيقات التي فُتحت لدى «ماحش» إلى 11 تحقيقاً. وأغلقت ثلاثة ملفات تحقيق من هذه الملفات، فيما لم يُستكمل التحقيق في الملفات الثمانية المتبقية. وأشارت المنظمة في بيانها إلى أنّ كثرة الإفادات المتعلقة بممارسة العنف أثناء التحقيقات التي أُجريت في «محطة عتصيون» والفترة الزمنية المتواصلة التي وردت فيها هذه الإفادات، «تثيران شبهة كبيرة بأنّ الأمر غير مقتصر فقط على محقق واحد قرر تبني أساليب تحقيق غير قانونية، بل على جهاز يدعمه ويُمكّن تسيير مثل هذه السلوكيات». وطالبت «بتسيلم» في توجهها إلى «ماحش» بعلاج مسألة العنف في «محطة عتصيون» في شكل جذري، وبألاَّ تكتفي وحدة التحقيق بتحقيق عيني يخص الشكاوى نفسها فقط. ودعت إلى وضع حدّ فوريّ لها واتخاذ تدابير قضائية وإدارية ضد المسؤولين، بمن فيهم أصحاب المناصب الذين كانوا على علم بهذه السلوكيات وسمحوا باستمرارها ووجودها، «كما يجب التأكد من وجود أجهزة مراقبة ناجعة تحول دون تكرار مثل هذه الحالات». وردت «وحدة التحقيق» على المنظمة بالقول إن فحصاً جذرياً يجري فعلاً لهذه المسألة.