حظيت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي وجّهها في شأن الأحداث الجارية في مصر حالياً، بترحيب واسع من جانب أوساط المجتمع المصري، وأكد محللون سياسيون وثقافيون في تصريحات إلى «الحياة» أن كلمة خادم الحرمين جاءت في وقت مهم، وأعاد بها ذكرى الموقف السعودي إبان حكم الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، في دعم مصر وسورية بحرب 73 آنذاك، كما أكدوا أنه لا أمان للمنطقة من دون أمان مصر. وقال عضو جبهة الإنقاذ الوطني المصرية وحيد عبدالمجيد في تصريح إلى «الحياة» أمس، إن «كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي تدعم مصر ضد الإرهاب جاءت في وقتها ونزلت برداً وسلاماً على المصريين كلهم، إذ خلقت لديهم إحساساً بالاطمئنان إلى أن القوة الرئيسة في المنطقة تقف معهم في وقت تدعم دول أخرى الإرهاب الذي تواجهه». وأضاف: «الكلمة وجّهت رسالة قوية إلى الولاياتالمتحدة الأميركية وأوروبا، نرجو أن يدركوها ويقرؤوها بعناية حتى لا يرتكبوا مزيداً من الأخطاء، وإنه موقف يساوي في قوته وفي تأثيره وأهميته الموقف التاريخي للملك فيصل في دعم مصر وسورية في حرب 73 بأن أدخل سلاحاً قوياً، هو سلاح النفط إلى المعركة، ما أسهم بدرجة كبيرة في دعم العمل العسكري المصري والسوري وتحقيق النصر الذي انتهت به تلك الحرب». وقال المحلل الاستراتيجي مدير معهد الأهرام الإقليمي للصحافة حسن أبوطالب إن «موقف الملك عبدالله هو موقف تاريخي بكل المقاييس، وهو ليس موقفاً غريباً على السعودية تجاه مصر التي يؤمن القادة السعوديون والشعب السعودي بأن لها مكانة خاصة في التوازن الإقليمي، وأن هذه المكانة تدعم الاستقرار في السعودية، وكلنا يدرك تماماً أن السعودية تشعر بقلق شديد مما جرى في مصر إبان الحكم السابق، وكانت تتوجس من بعض المواقف التي تؤخذ في القاهرة، وكان من شأنها أن تهدم التوازن الحساس عربياً وإقليمياً بما له من تأثيرات سلبية محتملة على أمن المنطقة واستقرارها». وأضاف: «أظهر موقف خادم الحرمين الشريفين حكمة بالغة في أنه يدعم الدولة المصرية في مواجهة الفتنة، وأن أسس الموقف السعودي تكمن في الترابط المصيري بين البلدين وأن أي أمر يهز أحدهما من شأنه أن يهز الآخر، ومن هنا جاء الموقف السعودي له مستوى سياسي ومعنوي واقتصادي بما يعكس الإدراك الشامل لطبيعة المعركة التي تخوضها مصر الآن، ووجّه رسالة قوية إلى كل الذين يعبثون بأمن مصر من خلال الجماعات، بأنهم مخطئون وأنهم سيدفعون ثمناً غالياً لهذا الموقف الخاطئ، وفي ذلك ما يؤكد أن المملكة تنطلق من وحدة المصير المصري - السعودي، ناهيك عن أنه يحمل دلالة حضارية رائعة وأن ما يصيب مصر يؤذي الشعب السعودي، وأن ما يضيف إلى مصر ويدفعها إلى الاستقرار يكون محل اعتبار وتقدير من المملكة قيادة وشعباً، وخلاصة القول هي أن موقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو موقف تاريخي لن ينساه المصريون». وقال الأكاديمي والناقد مصطفى الضبع: «في الشدة إن لم تكن قادراً على قول الحق فالحياد أفضل، ولكن الحياد لا يكون مطلوباً من أشقاء تنتظر منهم الوقوف بجانبك، فأواصر الدم والتاريخ والدين واللغة والإنسانية لا يمكن ألا تكون قادرة على الصمود في وجه موقف واحد مهما بلغت شدته، وليس جديداً على المملكة العربية السعودية موقفها التاريخي، وما بين حرب أكتوبر 1973 وموقف الملك فيصل، وبين حربنا على الإرهاب 2013 وموقف الملك عبدالله أعوام من التاريخ المشرف». وأضاف: «المواقف النبيلة تؤكد أن الرهان على مواقف المملكة دائماً ما يكون لمصلحة العروبة والإسلام، وأهمية موقف المملكة العربية السعودية أنه يأتي من دولة عربية تسبق الجميع، فمن العار أن تبادر دولة غربية لإعلان ما يجب على شقيقك أن يعلنه ويكون سباقاً فيه، لذا فإن الموقف سيكون له تأثيره الإيجابي على دول عربية شقيقة، وهو ما سيكون نواة لرأي عربي موحد يكون قادراً على توجيه الرأي العام العالمي، وبالتأكيد الحرب على الإرهاب ليست سهلة والكلمات لا تستطيع التعبير عن حجمها، كما لا تستطيع الوفاء بقيمة من يقف بجانبك». من جهته، قال أستاذ تاريخ العصور الوسطى عمرو عبدالعزيز منير: «الرجال مواقف، ففي ساعات الشدة يظهر الرجال وتعلو مواقفهم، وموقف خادم الحرمين الشريفين هو موقف مشرف وقوي، يستمد أهميته من توقيته ومضمونه، التوقيت جاء بعد كلمة الرئيس الأميركي التي شجعت الإرهاب، والأهمية مستمدة من كونه موقفاً حاسماً قاطعاً كالسيف، المملكة العربية السعودية مليكاً وحكومة وشعباً تقف مع مصر قلباً وقالباً سياسياً واقتصادياً وإعلامياً وهكذا تكون مواقف الرجال، وستبقى مصر والسعودية جنباً إلى جنب في كل موقف، ولن ننسى في مصر المواقف الداعمة للمملكة، وهي دائماً في مكان كبير في قلوب المصريين، ولن تستطيع قوة أياً ما كانت أن تفصم عُرى الأخوة بين الشعبين المصري والسعودي، وعلى قدر التحديات تأتي مواقف الرجال». وأكد رئيس قطاع المشاريع في مكتبة الإسكندرية خالد عزب أن «إدراك السعودية العميق لأهمية وقوفها إلى جانب مصر في هذه المحنة الصعبة يدفع الشعب المصري للامتنان لها، خصوصاً أن المملكة هي حجر الزاوية الثاني في استقرار المنطقة العربية، وعليه جاء الدعم السعودي لمصر في الوقت الحاسم والمناسب وحسم وخفف الضغوط الدولية التي كانت تعمل على عدم الاستقرار في مصر، وإن شهامة العرب ونبلهم المعروف تاريخياً تجسد في موقف الملك عبدالله، هذا الموقف الذي سيسجله التاريخ ولن ينساه المصريون للأبد وسيذكرونه دائماً». ولفت الروائي المصري رؤوف مسعد المقيم في هولندا إلى أن الموقف السعودي المؤازر للشعب المصري وحكومة مصر وجيش مصر بقيادة الفريق عبدالفتاح السيسي، هو تعبير عن رؤية سياسية عميقة للمنطقة كلها والتحذير من تخريب استقرارها الذي تتحمل مصر شعباً ودولة مسؤولية أساسية في ترسيخه. وأضاف: «الموقف السعودي ينطلق من معطيات سياسية وإنسانية وقومية أساسية، وهو أنه لا يجوز لفصيل سياسي يحتمي ويتستر بالدين أياً كان هذا الدين، أن يقوم بتخريب ركائز الشعب الأساسية من ثقافية ودينية وعلمية وإنسانية، وبالتالي فالسعودية التي تتشرف بقبر الرسول والحرم المكي، لا تقدر جماعة إسلامية أو جماعة تدعي انتماءها إلى الإسلام أن تزايد عليها دينياً، السعودية هي التي تقود الآن دولياً وعربياً وإسلامياً الموقف الرافض لبربرية تنظيم وهمجيته الوحشية، داعمة ثورة مصر وشعبها وحكومتها وجيشها».