لليوم الثالث على التوالي، واصلت ضاحية بيروتالجنوبية لملمة الجروح التي أصابتها إثر التفجير الإرهابي الذي ضرب منطقة الرويس الخميس الماضي، وأدى إلى سقوط ما لا يقل عن 27 ضحية بعد العثور تحت الأنقاض على جثتي طفل والمواطن محمد جابر. وكان معظم جرحى التفجير الذين ناهز عددهم ثلاثمئة غادروا المسشفيات لعدم خطورة وضعهم، فيما استمر البحث عن أفراد عائلة في عداد المفقودين، وفي وقت تابع رئيس الجمهورية ميشال سليمان التفاصيل المتعلقة بالتفجير واطلع من مدير المخابرات في الجيش العميد الركن إدمون فاضل على المعلومات والخيوط المتوافرة عن الجريمة. وفي حين استمرت عمليات مسح الأضرار ورفع الأنقاض، وبدأت الجرافات بإزالة الركام والسيارات المحترقة، استفاقت المنطقة على إجراءات أمنية مشددة كانت بدأت لحظة وقوع الانفجار، اتخذها الجيش اللبناني بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي وبلديات المنطقة. واستطاع عدد من الأهالي تفقد ممتلكاته المهدمة أو المحترقة. وواصل الجيش عمليات مسح الأضرار وتسجيلها لبدء التعويض على المتضررين بعد صدور قرار في هذا الخصوص عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والهيئة العليا للإغاثة، فيما كان عناصر الدفاع المدني وفوج الإطفاء والفرق الفنية والهيئة الصحية الإسلامية يواصلون مهماتهم في ساحة الجريمة التي حضر إليها أيضاً فريق من الأدلة الجنائية لأخذ عينات من بقايا السيارة المفخخة، فضلاً عن بعض الأشلاء المفترض أن يجرى فحص الحمض النووي لها لمقارنتها مع حمض الأشخاص المفقودين. وأعلنت العلاقات الإعلامية في «حزب الله» في بيان، أنه «بعدما أنهت الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة تحقيقاتها في مكان التفجير الإرهابي في الرويس، باشرت بلديتا حارة حريك وبرج البراجنة والمؤسسات الأهلية رفع الأنقاض والسيارات المحترقة من المكان، تمهيداً لفتح الشارع وإصلاح الأضرار وعودة الأهالي إلى بيوتهم». وفي حين بقي الحذر الشديد سائداً في الضاحية، فضلاً عن مخاوف من تكرار التفجيرات، أقامت عناصر حزبية حواجز راقبت السيارات والمارة. وواصلت الفعاليات والشخصيات السياسية تفقدها المكان، وكان وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي أول الحاضرين، ولفت إلى أنه «أتى ليرى حجم المأساة بعد أن هدأت العاصفة»، مشيراً إلى أن «معنويات أهالي المنطقة مرتفعة وهم مصممون على التعالي على الجروح وعدم الوقوع في فخ الفتنة». وأكد جريصاتي أنه «لا يوجد بيئة حاضنة للإرهاب في لبنان»، معتبراً أن «الملاحقات يجب أن تكون حاسمة» وأن الجميع مستهدف، ومشدداً على ضرورة «الذهاب إلى أوكار التكفريين واجتثاثهم». وجال وفد من بلدية حارة حريك في مكان الانفجار، وكذلك فعل وفد من «التيار الوطني الحر» برئاسة ربيع طراف الذي أكد أن الوفد «يحمل مبادرة إنسانية للمتضررين والمواطنين لمساعدتهم». وأكد مدير العمليات في «الهيئة الصحية الإسلامية» (حزب الله) مهدي حلباوي «استمرار عمليات رفع الأنقاض»، متوقعاً انتهاءها قريباً. ورفعت لافتات ضخمة على أسطح الأبنية وشرفات المنازل في الرويس، كتب عليها «مصرون على دعم المقاومة» و «إرادة لن تنكسر». تشييع وعلى خط مواز، استمر تشييع ضحايا الانفجار، فشيعت الغبيري (الضاحية الجنوبية) ظهراً حسين بيضون في حضور حاشد. كما شيّع أهالي بلدة ميس الجبل موسى قاروط الى مثواه الأخير في حضور عضو هيئة الرئاسة في حركة «أمل» قبلان قبلان وحشد من أبناء البلدة والقرى والبلدات المجاورة وسط اجراءات أمنية مشددة اتخذتها وحدات من الجيش منذ الصباح الباكر. وكان «حزب الله» وأهالي بلدة الغسانية (جنوب) والقرى المجاورة شيّعوا أول من أمس داوود سليمان حدرج. كما شيّعت بلدة كفررمان (النبطية) عفيف ضاهر (50 عاماً) عضو منظمة البلدة في «الحزب الشيوعي اللبناني» ونقابة العمال والمستخدمين في لبنان. وتقدّم موكب تشييع جثمان ضاهر الذي لُف بعلم الحزب عناصر الحزب وأمينه العام خالد حدادة ورئيس «هيئة التنسيق النقابية» حنا غريب والنائب عبداللطيف الزين. وواكب وداع الجثامين إجراءات أمنية مشدّدة وقطع للطرقات بعض الوقت. ودققت حواجز الجيش على طريق الجنوب في السيارات المتوجهة إلى البلدات للمشاركة في التّشييع.