تتناقل بحذر الأوساط السياسية في طهران وعواصم أخرى، الأخبار المتعلقة بالرسالة التي استلمها المرشد الإيراني علي خامنئي من الرئيس الأميركي باراك أوباما، والتي تُعتبر الثانية خلال هذا العام. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» ان الرسالة تضمنت اقتراحات حول آليات فتح باب الحوار بين الجانبين، وصولاً الى إعادة العلاقات بين البلدين، مشيرة الى انها «كُتبت بعناية وبلغة أدبية واحتوت على كثير من معاني الاحترام». وتأتي هذه الرسالة بعد تلك التي بعثها أوباما الى القيادة الإيرانية في نيسان (أبريل) الماضي وتحديداً قبيل الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 12 حزيران (يونيو) الماضي. ورد المرشد في أيار (مايو) الماضي على الرسالة الأولى، والتي كانت بحسب المصادر «إيجابية في مضمونها وعنيفة في لغتها»، ما شجع الرئيس الأميركي على بعث رسالته الثانية. وأوضحت هذه المصادر ان القيادة الإيرانية في صدد الرد على رسالة أوباما الثانية، قبل زيارة الرئيس محمود احمدي نجاد الى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتسبغ طهران أهمية قيام الإدارة الأميركية بخطوات إيجابية ومؤشرات تدل على رغبتها في فتح باب الحوار من منطلق «حسن النوايا»، استناداً الى «المصالح المشتركة والاحترام المتبادل والاعتراف بالنظام السياسي في إيران ودورها الإقليمي والدولي». وتتحدث مصادر ديبلوماسية في طهران عن رغبة أوباما في تسوية الملف النووي الإيراني في شكل سلمي، حتى إذا استدعى الأمر «الجلوس في شكل مباشر مع الإيرانيين على طاولة واحدة». وعلى رغم عدم الكشف عن تفاصيل الاقتراحات الأميركية، وماهية الرد الإيراني الذي وصفته مصادر بأنه كان «قوياً ورادعاً»، إلا أن السماح بتبادل الرسائل بين القيادتين الإيرانية والأميركية يشكل «في حد ذاته» تطوراً مهماً على صعيد العلاقات الثنائية المتأزمة منذ ثلاثة عقود. ورأت المصادر الديبلوماسية ان الإدارة الأميركية تشعر بارتياح لفوز نجاد في الانتخابات الرئاسية، إذ تعتقد ان الحوار معه يزيد من فرص نجاحه كما يأمل أوباما، بسبب قرب نجاد من القيادة الإيرانية، ولشعور الإدارة الاميركية بأن الرئيس الإيراني الذي أضعفته أزمة ما بعد الانتخابات، يسعى الى التطبيع مع الولاياتالمتحدة لتعزيز وضعه الداخلي. وتأمل طهران بمساعدة الولاياتالمتحدة في إعادة ملفها النووي الى أروقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإغلاق هذا الملف في إطار قوانين الوكالة. ويرى مراقبون في طهران ان الدعم الذي أعطاه المرشد لنجاد خلال السنوات الأربع الماضية وأثناء الانتخابات الأخيرة، يعكس رغبته في مواصلة السياسة التي اتبعتها إيران مع الولاياتالمتحدة في شكل خاص، والغرب في شكل عام. وعليه لا يريد خامنئي العودة الى المربع الأول في المحادثات مع الأسرة الدولية، بل الاستمرار من حيث انتهت إليه مفاوضات السنة الماضية. كما ان المرشد يشعر بارتياح أكبر في العمل مع نجاد وفريقه الحكومي، قياساً بالمرشحين الآخرين، علماً بأن الملفات الخارجية تشكل قضايا استراتيجية بالنسبة الى إيران، وتؤثر في شكل كبير على وضعها الداخلي الذي لا تحتاج إدارته الى مهارة كبيرة، في ضوء الخطة الخمسية التي أقرها مجلس الشورى (البرلمان)، والخطة العشرينية التي أقرها مجلس تشخيص مصلحة النظام، إضافة الى الدور الرقابي الذي يمارسه البرلمان. ويرى متابعون ان الزيارة الخامسة لنجاد الى نيويورك، ستكون مختلفة عن سابقاتها، لأنه قال قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة وخلالها انه مستعد للحوار والمشاركة في مناظرة مع أوباما.