بالدموع والفرح والزغاريد، استقبل الفلسطينيون 26 أسيراً من قدامى الأسرى أطلقت إسرائيل سراحهم فجر أمس قبل ساعات قليلة من استئناف جولة المفاوضات الثانية التي عقدت في القدس الغربية بحضور المبعوث الأميركي الخاص لعملية السلام مارتن انديك، والتي خيّمت عليها سلسلة مشاريع التوسع الاستيطاني التي أُعلنت أخيراً. واحتشدت جموع غفيرة من المواطنين طوال ليل الأحد - الاثنين عند مداخل الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي مقر الرئاسة في رام الله لاستقبال الأسرى المحررين الذي أمضوا ما بين 20 و32 عاماً في السجون الإسرائيلية، وتم الاتفاق على إطلاقهم في إطار استئناف المفاوضات. وهذه المجموعة هي الأولى من بين 104 أسرى سيتم إطلاقهم على أربع دفعات خلال ثمانية أشهر من المفاوضات. وقال الرئيس محمود عباس في استقبال 11 أسيراً محرراً وصلوا الى الضفة «إن البقية ستأتي، هؤلاء هم المقدمة، وهناك إخوة آخرون سيعودون إليكم وسترونهم». وخرجت غزة بأطيافها كافة لاستقبال الأسرى ال 15 المحررين، ووقف ذووهم وعائلاتهم وأصدقاؤهم ساعات ينتظرون وصولهم الذي تأخر، إضافة الى قيادات من القوى الوطنية والإسلامية رفعت صورهم ولافتات ترحب بهم ورددت هتافات تطالب بإطلاق باقي الأسرى. وكان لافتاً لجوء إسرائيل الى سياسة «الباب الدوار»، فلم تمض ساعات قليلة على إطلاق الأسرى ال 26 حتى شنت القوات الإسرائيلية حملة اعتقالات في الضفة طاولت 19 فلسطينياً من قرى نابلس وبيت لحم والخليل. وتزامنت الاعتقالات مع انعقاد الجولة الثانية من المفاوضات بين إسرائيل والسلطة امس. وعلمت «الحياة» أن هذه الجولة ستنصب على الالتزامات الإسرائيلية التي لم تنفذ بعد، مثل وقف البناء في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدسالشرقية، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي أعادت احتلالها عقب بدء الانتفاضة عام 2000. وكانت إسرائيل أعلنت أخيراً مشروعاً لبناء 900 وحدة استيطانية في مستوطنة «غيلو» المقامة على اراضي القدسالشرقية وبيت لحم، ومشروعاً آخر لإقامة 1200 وحدة استيطانية، منها 800 وحدة في القدسالشرقية. وسبق ذلك الإعلان عن إدراج 90 مستوطنة في الضفة، بما فيها القدس، ضمن مناطق الأفضلية القومية في مشاريع الخدمات. وأثارت هذه المشاريع غضباً واسعاً في الشارع الفلسطيني، حتى أن دعوات من داخل المؤسسة الرسمية طالبت بالانسحاب من المفاوضات، محذرة من أن إسرائيل تستخدمها غطاء للاستيطان. كما قدم المفاوضون الفلسطينيون شكوى الى الجانب الأميركي ضد المشاريع الاستيطانية التي قالوا انها تتناقض مع أسس المفاوضات. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، عضو لجنة الإشراف على المفاوضات ياسر عبد ربه إن مشاريع التوسع الاستيطاني تحكم بالفشل على هذه المفاوضات. وأضاف ان الجانب الفلسطيني عاد الى المفاوضات «بعد تعهد الجانب الأميركي بممارسة أقصى ضغط ممكن على الجانب الإسرائيلي لعدم القيام بأي مشاريع استيطانية أثناء المفاوضات». وحمل على الجانب الأميركي قائلاً إنه «شريك في الخداع». وضمت إيران أمس صوتها إلى المعارضين للمفاوضات، ونقلت وكالة الأنباء الطالبية الإيرانية عن الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس أرقشي قوله إن «السياق الحالي غير ملائم للمفاوضات. في الوقائع، يواصل النظام الصهيوني بناء مساكن جديدة يندد بها أيضاً الاوروبيون والولايات المتحدة، لكن النظام الصهيوني يفعل ما يشاء». وتابع أن «هذه المفاوضات غير متوازنة وحقوق الشعب الفلسطيني، مثل حق العودة وتقرير المصير وقضية القدس كعاصمة للفلسطينيين، يتم تجاهلها، من هنا فإن (المفاوضات) لن تؤدي الى نتائج». ومن المقرر عقد الجولة الثالثة من المفاوضات في مدينة أريحا في الضفة الأسبوع المقبل. لكن المسؤولين الفلسطينيين قلّلوا من فرص حدوث اختراق في هذه المفاوضات بسبب رفض إسرائيل الاعتراف بحدود عام 1967 ورفض تجميد البناء في المستوطنات.