رغم قلقها من زيادة نفوذ تنظيم «القاعدة» والامتداد الإقليمي للأزمة، تتريث الإدارة الأميركية في طريقة تعاملها مع النزاع في سورية انطلاقاً من اعتباره دخل مرحلة «حرب أهلية» قد تستمر سنوات، بحسب تقرير صادر عن معهد مرموق في واشنطن، مع تأكيد وزارة الخارجية الأميركية أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد «لن يكون بإمكانه إعادة بسط سلطته بالكامل على الأراضي السورية» وأن المعارضة أحرزت تقدماً في الأسابيع الأخيرة. وجاء تأكيد الخارجية الأميركية بوجود تعقيدات تحيط بالتحضيرات لمؤتمر «جنيف -2» وأن واشنطن لن تضع جدولاً زمنياً له، ليعكس حال عدم الاستعجال الأميركية في التعاطي مع سورية. اذ لفتت نائب الناطق باسم الخارجية ماري هارف الى «تقدم المعارضة أخيراً» وإلى ان النظام السوري «لن يكون قادراً على اعادة بسط سلطته على كامل الأراضي». وكررت الإدارة موقفها من أن هذا الواقع «يستوجب حلاً سياسياً للأزمة من خلال بيان جنيف، وتنازل الأسد عن سلطاته لحكومة انتقالية»، غير أنها لم تبد أي نوع من الاستعجال في تحركاتها السياسية مع روسيا في ظل الأزمة في العلاقة بين واشنطن وموسكو، أو العسكرية في دعم المعارضة للوصول الى هذه النقطة. وتمر سنتان هذا الأسبوع على دعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما الأسد الى التنحي. لكن الإدارة الأميركية حاولت التأقلم مع التحولات في الساحة السورية. ويشير الخبير كينيث بولوك في تقرير صادر عن «معهد بروكينغز» الى أن الأسد «لم يعد محور الأزمة في سورية، وإذا تنحى اليوم فهذا لم يعد يعني انتهاء النزاع». ويصف التقرير الأسد بأنه «أمير حرب على رأس تحالف للنظام ومجموعاته في خضم حرب أهلية متداخلة». ويحمل التقرير عنوان «الديناميات العسكرية للحرب الأهلية السورية وخيارات الولاياتالمتحدة المحدودة للتدخل» ويرى أن الصورة العسكرية هي عبارة عن «مأزق للطرفين، وأنه من دون اختراق على الساحة العسكرية لن يكون هناك اختراق على المستوى السياسي». ويصنف بولوك القوة العددية للثوار البالغة 150 ألفاً، والزخم النفسي القائم على محاربة نظام سلطوي، وانتشارهم الجغرافي وليس السكاني على ما بين 60 و 70 في المئة من الأراضي، كعناصر قوة تفيد المعارضة، فيما يستفيد النظام من هيكلية تنظيمية متماسكة داخل الجيش ومخاوف الأقليات من الثوار، وتفوق قوته العسكرية وخصوصاً الجوية وامتداده السكاني على نحو 60 او 70 في المئة من سكان سورية البالغ عددهم 23 مليوناً. ويقترح بولوك على الإدارة الأميركية ثلاث توصيات رئيسية، بينها تسليح الثوار وتدريبهم لتأسيس هيكلية عسكرية موحدة تجنب الاقتتال في صفوف المعارضة، والحد من قنوات التسليح للنظام بالضغط على الجانب الروسي وعلى العراق لوقف الإمدادات الجوية للأسد. غير أن هذه العناصر غير كافية بحسب بولوك، ولن تحدث اختراقاً عسكرياً، وبالتالي ينصح الإدارة باستهداف البنية التحتية للنظام مثل «القواعد العسكرية ومحطات توليد الطاقة والنقل والجسور» وفرض مناطق حظر جوي. وفي حال عدم إتمام ذلك، يتوقع بولوك نزاعاً قد يستمر سنوات بين الجانبين. وفي حين تعكس أجواء الإدارة تحولاً لناحية البدء عملياً بتسليح وتدريب بعض فرق المعارضة، فإن هناك حذراً شديداً من هوية المجموعات المسلحة ومخاوف من اصطفاف جديد لبعض القوى في «الجيش الحر» مع جبهات متطرفة في معارك حلب واللاذقية.