أجمع خبراء اقتصاد على ارتباط الوضع الاقتصادي في لبنان بتداعيات الحرب السورية وتأثيرها الحاد فيه، إذ عزا مدير التنمية الاقتصادية والعولمة في «إسكوا» عبدالله الدردري، «تراجع النمو في لبنان نتيجة انخفاضه في سورية». فيما أكد الخبير الاقتصادي لويس حبيقة، أن «لا مجال لنهوض الاقتصاد اللبناني، طالما استمرت الحرب في سورية، لأنها الدولة الوحيدة التي لنا حدود برية عملية معها». وكان هؤلاء يتحدثون خلال ندوة نظمها مركز «عصام فارس للشؤون اللبنانية» عن «التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للحرب السورية»، استهلها مدير المركز السفير عبدالله بوحبيب، معلناً أن «الحرب السورية أدت إلى دمار كبير في الداخل السوري، وتعدّت تأثيراتها إلى دول الجوار». واعتبر أن «معضلة اللاجئين تلقي بأعباء ضخمة على لبنان، فيما تزداد حدة الأزمة لعدم تقديم الدعم المالي الكافي العربي والدولي إلى لبنان والأردن الذي يواجه ظروفاً صعبة، لكن أقل تعقيداً من لبنان». وأكد الدردري، أن الاقتصاد اللبناني «تأثر في شكل شديد بالحرب السورية خصوصاً في مجالات الترانزيت والسياحة العربية». ولفت إلى أن سورية ولبنان والأردن «كانوا تاريخياً يتأثرون سلباً بارتفاع أسعار النفط، في مقابل تأثرهم إيجاباً نتيجة التحويلات والودائع والاستثمارات من دول الخليج». لكن مع انقطاع صلة الوصل مع الخليج في سورية، «بات انعكاس ارتفاع إيرادات النفط سلبياً فقط». وربط انخفاض نمو الاقتصاد اللبناني بتراجعه في سورية، موضحاً أن «في مقابل كل انخفاض معدله واحد في المئة في سورية يقابله هبوط نسبته 0.2 في المئة في لبنان». وأشار إلى أن «تقلّص المعونات والمساعدات الأوروبية والعربية للبنان ستمنعه من تعويض تراجع النمو، على عكس الأردن الذي حافظ على نمو طبيعي بسبب استمرار تدفق المعونات الخارجية ووضوح الخطة التنموية، وتوافر إدارة مركزية لها». لكن لم يغفل الدردري، أن «في حال توقف الحرب السورية ستعود معدلات النمو في سورية إلى الارتفاع إلى 20 في المئة، ما ينعكس إيجاباً على لبنان بما بين 4 إلى 5 في المئة». وعن تأثير اللاجئين السوريين في سوق العمل، رصد «ارتفاع نسبة منافسة العمال السوريين لليد العاملة اللبنانية، خصوصاً أن حجم الكتلة السكانية السورية يفوق المليون أي ما يعادل 25 في المئة من السكان اللبنانيين». ولفت الى أن السوريين الميسورين الذين أتوا إلى لبنان «لم يستقروا فيه ولم ينفذوا مشاريع اقتصادية على عكس الحال في الأردن، حيث أسّسوا مشاريع اقتصادية وصناعية». وأوضح أن «الودائع السورية في المصارف اللبنانية لم تُستثمر بعد». وشدد حبيقة، على أن «المشكلة الأبرز اليوم للبنان هي أوضاع اللاجئين السوريين التي تأخذ ثقلاً مادياً يكبر مع الوقت بسبب ازدياد العدد». لذا أكد «ضرورة ضبط الإحصاءات حتى يتمكّن المعنيون من تقدير الكلفة الحقيقية ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة». وأقرّ ب «عجز لبنان مادياً على تحمل كلفة استقبال اللاجئين المقدّرة ب 1.5 بليون دولار سنوياً». وإذ لم ينكر منافسة العمال السوريين لليد العاملة اللبنانية في الأعمال والمهن، اعتبر أن «تضخيم المشكلة موجود أيضاً». وقال «يمكن عبر مؤتمر إقليمي أو دولي تحسين توزع اللاجئين موقتاً على الدول المجاورة والبعيدة، في انتظار انتهاء الحرب»، لافتاً إلى وجود «كفاءات سورية مهنية ربما نحتاج إليها لأننا نفتقدها».