يضع الأردنيون أيديهم على قلوبهم وهم ينتظرون العيد بسبب ارتفاع الأسعار. وعلى رغم أن توقيت تقاضي الموظفين رواتبهم تزامن مع انتهاء شهر رمضان، فإن مصاريف العائلات والتحضيرات للعيد سترهق الناس، أقله حتى نهاية الشهر المقبل. ويقف المستعدون للعيد بين الأسواق المتنوعة، حائرين تارة ويجادلون الباعة تارة أخرى. فيما يجمع إبراهيم أبو شعبان ومعه أحد أبنائه، أكياس الخضار والفواكه استعداداً للذهاب إلى البيت، يقول إن الأوضاع تغيرت كثيراً، «لم أشترِ حاجاتي كلها وأنفقت جزءاً كبيراً من راتبي الشهري. إلا أن المشكلة الكبرى بالنسبة إلي هي تقديم العيدية التي أصبحت عادة مرهقة يصعب تجاوزها». وفيما فردت بضاعة جديدة في الشوارع وفي المحال التجارية، واستعدت محال الحلويات كذلك، يبقى الإقبال على الشراء حذراً تحرّكه اللحظة الأخيرة في رمضان. ويقول أحمد شحادة الموظف في محل ألبسة، إنهم استعدّوا جيداً للعيد وزيّنوا الواجهات بأزياء على الموضة، لكن «الأسعار ليست في متناول الجميع، ونعوّل عادة على اللحظات الأخيرة قبل العيد حين تزداد حركة البيع قليلاً. إنما الناس مخنوقون». العائلات التي تضم أفراداً عدة عليها شراء المأكولات والألبسة، إلا أن فرحة الأطفال لا تعنيها ارتفاع الأسعار أو هبوطها، كما تقول سناء عبدالحميد. وتضيف ربّة البيت الأربعينية: «العيد هو فرحة الأطفال، وكل شيء غير ذلك يدخل في باب المجاملات العائلية والتقليدية من زيارات صباحية ومسائية». وتلفت إلى أن الأمهات يتعبن كثيراً قبل أسبوع من العيد، إذ ينهمكن في تنظيف البيوت وتحضيرها لاستقبال الزوار وخَبز الكعك والمعمول وشراء الشوكولا، ومن ثم ينزلن إلى الأسواق لشراء الثياب والأحذية للأولاد». لا فرق تقريباً بين الطبقتين المتوسطة والفقيرة في الشكوى من ارتفاع الأسعار والتحضير للعيد، الهمّ واحد والفرحة واحدة. فالأحياء الشعبية في عمّان استعدت أيضاً لاستقبال العيد على طريقتها الخاصة، إذ خُصصت مساحات للألعاب التقليدية المرتبطة بذاكرة العيد، في الأحياء على اختلافها. ويقول عمر الذي نصب أرجوحة قرب بيته: «العيد فرحة للأطفال، وهو موسم أيضاً يمكننا أن نستفيد منه مادياً. أنا عامل وأستثمر هذه الأيام سنوياً كي أحسّن وضعي». شوارع عمّان في اليومين الماضيين تعجّ بالمارة ليلاً نهاراً، كأنها بيت للنمل، وهو ما يعكس مدى استعداد الأردنيين للعيد وإن نغّص الوضع الاقتصادي الفرحة. ففي وسط البلد، المكان الأكثر اكتظاظاً بالمارة والسيارات، تستعدّ المطاعم لاستقبال الرواد بزخم كبير. وعلى رغم الأوضاع الإقليمية المضطربة والحالة الاقتصادية، تبقى أغنية أم كلثوم «يا ليلة العيد» صادحةً هذه الأيام في الشوارع والمقاهي، لتشي بحنين إلى الزمن الجميل وأمل لا تقتله الصعوبات.