الوجهة غير محددة وغير مهمة طالما أن سهى اجتمعت مع صديقاتها داخل سيارتها، والأهم أنهن يشعرن بمتعة الحديث تارة، ومتعة الاستماع إلى الموسيقى الصاخبة تارة أخرى، فيما يشاهدن أجمل بانوراما للعاصمة عمان أثناء جولاتهن المكوكية. سهى قدوره (24 سنة) اعتادت في شهر رمضان المنصرم أن تمضي أوقات الفراغ متجولة وصديقاتها بسيارة الجيب داخل شوارع المدينة، وواصلت هوايتها في القيادة والتجول ذهاباً واياباً خلال أيام العيد لكسر الروتين، وقضاء أطول مدة ممكنه بعيداً عن الزيارات الاجتماعية والطقوس التي يفرضها العيد. تنسل سهى عند أولى ساعات المساء بهدوء من المنزل لتقل رفيقاتها الواحدة تلو الأخرى، ومن دون أن تحدد وجهتها تنطلق في شوارع عمان متهربة من الأعمال المنزلية فضلاً عن إعداد متطلبات الضيافة واستقبال المعايدين. وكانت سهى تصارح والدتها بشعورها حيال واجبات العيد وطقوسه التي لا تحبها والتي كانت دوماً مفروضة عليها منذ الصغر. وتقول: «والدتي لا يعجبها حديثي عن واجبات العيد التقليدية، لذا أفضل أن امضي أيامه بالطريقة التي اختارها مع صديقاتي وليس في تبادل الزيارات العائلية». مزاحمة السيارات في الشوارع أو حتى التباهي بمهارات القيادة والتجول في شوارع المدينة وخارجها هي تقليعة شبابية شائعة في الأردن ويطلق عليها مصطلح ال «drive». تخصص سهى مبلغ 20 دولاراً في كل يوم تخرج فيه لقضاء الوقت متجولة في سيارة الجيب، وتشير إلى أن المبلغ يذهب لتغطية مصروف السيارة من البنزين في شكل أساسي، وتجده متواضعاً أمام فاتورة قد تشكل عبئاً فيما لو قصدت المطاعم أو المقاهي لقضاء أوقات الفراغ. وتقول: «مونة السهرة غالباً ما تكون مشروبات باردة لا تزيد تكلفتها على 10 دولارات، وفي المجمل فان التكلفة تبقى منخفضة عن فاتورة ارتياد المطاعم». تقليعة ال «drive» أصبحت ظاهرة شبابية لم تستثن الفتيات، وساهم في تناميها توجه الشباب إلى اقتناء سيارات فور التخرج من الجامعة والحصول على وظيفة ذات دخل يكفي لسداد أقساط شرائها، إضافة الى الإغراءات والتسهيلات المصرفية التي تجعل شراء السيارة تحصيلاً حاصلاً عند التوظيف. سامر الجمال (26 سنة) يجد متعته في التجول بسيارته برفقة الشلة فيغلق نوافذها في الأيام الحارة ويستفيد من مكيف الهواء، ويرفع صوت إيقاع الموسيقى خاصة الصاخبة منها الى أعلى درجاته. ويقول سامر: «الخصوصية التي أبحث عنها وأجدها داخل السيارة لا تتوافر لي ولأصدقائي في المنزل». ويشرح: «في البيت لا أستطيع أن أدخن أمام والدي، ولا أملك حرية الاستماع الى الأغاني بصوت مرتفع لأنه دائماً محظور». ويفضل سامر التجول عادة في جبل عمان وجبل الحسين وإن كانت شوارعهما مزدحمة خصوصاً في فترة العيد فهذا برأيه يزيد المتعة. آخرون لا يمتلكون سيارات لكنهم لا يفوتون على أنفسهم متعة التجول. فأحمد نصير (23 سنة) يواظب على استئجار سيارة من أحد مكاتب تأجير السيارات السياحية ليقضي وقته في قيادتها برفقة الأصدقاء حتى في أول أيام العيد الذي يمضيه الأردنيون عادة برفقة العائلة. وعلى رغم ارتفاع تكلفة إيجار السيارة في اليوم، يجد أحمد في القيادة متعة تفوق الانضمام إلى سهرة عائلية أو تمضية الوقت برفقة الأهل في زيارات الأقارب التي تأخذ أول وثاني أيام العيد. وأحمد لم يحالفه الحظ بوظيفة، لذا فهو يقضي أوقات النهار نائماً ويخرج في المساء. ولكن في أيام العيد يفضل مغادرة المنزل ليبتعد عن أجواء يجدها مضجرة فالنشاط الذي يدب في المنزل وحركة الزوار تحرمه من متعة النوم. وتذهب «العيدية» التي يتقاضاها أحمد لتغطية تكاليف استئجار سيارة سياحية، وفي الأيام التي لا يتمكن فيها من استئجار سيارة يحرص على الخروج برفقة من يمتلكونها من أصدقائه.