2500 رياضي من 206 بلدان يشاركون في بطولة العالم لألعاب القوى التي تستضيفها العاصمة الروسية للمرة الأولى في تاريخها، بدءاً من السبت المقبل. على الورق، تبدو حصيلة المشاركة مغرية لهواة البحث عن الأرقام القياسية، ومرضية للمنظمين الروس الذين أعلنوا استكمال استعدادات استقبال الحدث الكبير. والأكيد ان موسكو ستضرب رقماً قياسياً على صعيد عدد المشاركين، علماً أن أكثر من 1800 رياضي شاركوا في البطولة السابقة التي أجريت في مدينة دايغو الكورية الجنوبية قبل عامين. ويولي الكرملين أهمية كبيرة للبطولة، باعتبارها ستكون «بروفة» نهائية للتحضيرات الجارية على قدم وساق لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي العام المقبل. وظهر ذلك في عملية التحديث الواسعة التي خضع لها ستاد «لوجنيكي». وعلى رغم أن موسكو لم تحبّذ الإسراف في الإنفاق على «مونديال أم الألعاب» التي لا تقارن موازنتها بمئات بلايين الدولارات التي صرفت حتى الآن على تحضيرات الأولمبياد الشتوي، اعتبرت الاستعدادات كافية، فالاستاد الشهير الذي يعود إلى الحقبة السوفياتية استعاد رونقه، بعدما شهد تقلبات الزمن إثر انهيار الدولة العظمى، وتحوّل لسنوات إلى سوق تؤجر مساحات فيه لباعة ملابس وبضائع اخرى. كذلك استعد كورنيش نهر موسكو الذي يربط ستاد «لوجنيكي» بالكرملين لاستضافة المتنافسين، فيما ترغب روسيا في حصد أكبر عدد ممكن من الذهبيات، من أجل استعادة سمعة كادت تضيع منها «في زمن الفوضى» كرائدة في ألعاب القوى. ودفع ذلك الروس إلى تجهيز بعثة تضم حوالى 120 رياضياً يتوقع خبراء أن يقودوها إلى احتلال المركز الثاني في جدول الميداليات، ما يعني أن مشوار استعادة الصدارة لا يزال بعيداً. ومع أن غياب عدد كبير من الأسماء اللامعة في عالم ألعاب القوى خفف توقعات جعل البطولة مميزة، كما رغبت موسكو، خصوصاً بعد فضائح المنشطات التي حجبت مشاركة نجوم بارزين، سيعوّض الحضور الأميركي القوي النقص من خلال بعثة تضم عشرات الأبطال الأولمبيين، بينهم تسعة حاملي ألقاب عالمية، ما يحسم بحسب البعض حجز بعثة «الأصدقاء اللدودين» لروسيا المرتبة الأولى سلفاً. ويبقى الأهم بالنسبة إلى روسيا نجاحها في الاستضافة. لذا حرص عمدة موسكو سيرغي سيوبيانين على الإشراف مباشرة على تفاصيل التنظيم على صعيد تسهيل وصول المشاركين والمشرفين على البطولة وإقامتهم، وتجهيز مئات من طواقم الإسعاف وآلاف من رجال الشرطة والأمن لضمان أن تمرّ المناسبة بسلام. وقد تكون هذه المهمة أكثر ما يقلق المنظمين، كما قال رئيس اللجنة الأولمبية الروسية فالنتين بالاختشييف. ويبدو قلق بعض المنظمين مبرراً، فالبطولة لن تكون «بروفة» نهائية لتحضيرات أولمبياد سوتشي فقط، وستكشف جوانب الجاهزية الأمنية والقدرة على مواجهة عمليات تخريب. برز ذلك جلياً من خلال إعلان وزير الرياضة الروسي فيتالي موتكو أن «إرهاب بوسطن قرع جرس إنذار جدي في موسكو» في إشارة إلى احتمال استخدام إرهابيين «مونديال القوى» لتوجيه ضربة شبيهة بالتفجيرين اللذين استهدفا مدينة بوسطن الأميركية خلال تنظيمها سباق الماراثون في 15 نيسان (أبريل) الماضي. وعززت مخاوف روسيا تهديدات زعيم الإنفصاليين المتشددين في شمال القوقاز، دوكو أميروف، الذي فتحت «غزوة» بوسطن شهيته، ودعوته أنصاره إلى شنّ هجمات خلال أولمبياد سوتشي. لذا لا يخفي كثر في روسيا أن بطولة العالم لألعاب القوى في موسكو تعدّ جزءاً من تحضيرات أوسع لمواجهة أي طارئ قد يعكر صفو المنافسات، في موسم مهم بالنسبة إلى روسيا التي تسعى تدريجاً إلى استعادة مكانتها في عالم الرياضة.