تتميز السعودية منذ تأسيسها بمميزات عديدة، من أهمها حرص قيادتها على العناية بالمقدسات الإسلامية وتطويرها، لخدمة زوارها من حجاج ومعتمرين وتوفير أفضل سبل الراحة لهم، وهو توجه ملموس منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز - رحمه الله - . وحظيت المقدسات وخصوصاً الحرمان الشريفان في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة بتنفيذ مشاريع كبيرة. وكان للملك المؤسس قصب السبق في تطوير الحرمين الشريفين، وأكمل المسيرة من بعده أبناؤه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد (رحمهم الله)، وصولاً إلى هذا العهد الزاهر الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز،الذي استهل عهده بإصدار توجيهاته باستكمال مشاريع توسعة وتجديد عمارة الحرمين الشريفين بمكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، وما يصاحب هذه المشاريع من عمليات تطوير وتنمية للمناطق المركزية في هاتين المدينتين. أعلن الملك المؤسس يوم 12-8-1368ه عزم حكومته على تنفيذ توسعة بالمسجد النبوي الشريف، التي تعد أول توسعة للمسجد النبوي. وبعد استكمال التصاميم اللازمة قام ولي العهد الأمير سعود بن عبدالعزيز نيابة عن والده الملك عبدالعزيز في ربيع الأول عام 1372ه بوضع حجر الأساس لتبدأ التوسعة السعودية التي أضافت مساحة تقدر بحوالي (6024) متراً مربعاً، لتصبح المساحة الكلية بعد هذه الزيادة حوالى (16327) متراً مربعاً. وعدد الأروقة (14) رواقاً، وعدد الأبواب عشرة أبواب، وعدد المآذن أربع مآذن بارتفاعات ( 47ر50) و(60) و(72) متراً، وعدد الأعمدة الجديدة (706)، وعدد القباب (170)، وبلغ عدد المصابيح (2427) مصباحاً، وبلغ مجموع ما أنفق على هذا المشروع أكثر من خمسين مليون ريال. ثم توالت أعمال التوسعة السعودية بإضافات جديدة في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - الذي أضاف توسعة جديدة على مرحلتين بلغت مساحتها حوالى (550,40) متر مربع، وهي عبارة عن أرض خصصت بجوار المسجد وتم رصفها، ونصبت فوقها مظلات وزودت بمكبرات الصوت والفرش والمراوح، وذلك عام 1393ه، كما أضاف الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله عام 1397ه توسعة أخرى على شكل مظلات بلغت مساحتها 43000 متر مربع. ويعتبر مشروع توسعة الملك فهد (رحمه الله) وتجديد عمارة المسجد النبوي الشريف هو الأكبر والأضخم، وتابع الملك فهد لسنوات عدة مراحل تصميم هذا المشروع، حتى قام يوم الجمعة 9-2- 1405ه بوضع حجر الأساس لهذا المشروع، وبلغ إجمالي مساحة الدور التي تم نزع ملكيتها لصالح التوسعة حوالى (100) ألف متر مربع، وبدئ السبت 17-1-1406ه في تنفيذ هذا المشروع الذي بلغ خمسة أضعاف مساحة المسجد قبل التوسعة التي تم ربطها بالمبنى. ومشروع المظلات أحد المشاريع العملاقة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز، وهي تتمثل في تصنيع وتركيب (182) مظلة تركب على أعمدة ساحات المسجد النبوي أمر بها عندما زار المدينة إثر تسلمه مقاليد الحكم، ثم أمر بإضافة (68) مظلة في الساحات الشرقية، وبعد اكتمالها ستغطي هذه المظلات مساحة (143000) متر مربع من الساحات المحيطة بالمسجد النبوي من جهاته الأربع، يصلي تحت الواحدة منها ما يزيد على ثمانمائة مصلٍّ. يضاف إلى ذلك تظليل ستة مسارات في الجهة الجنوبية يسير تحتها الزوار والمصلون، وهذه المظلات صنعت خصيصاً لساحات المسجد النبوي على أحدث تقنية وبأعلى ما يمكن من الجودة والإتقان، وخضعت لتجارب في بلد التصنيع، واستفيد من التجربة في المظلات التي قبلها التي تعمل بكفاءة جيدة منذ أن انتهت التوسعة، ومع ذلك فإن المظلات الجديدة طورت ودخل عليها تحسينات في شكلها ومادتها ومساحتها، وصممت بارتفاعين مختلفين بحيث تعلو الواحدة الأخرى على شكل مجموعات لتكون متداخلة فيما بينها، يبلغ ارتفاع الواحدة (14.40) متر، والأخرى (15.30) متر، ويتساوى ارتفاع جميع المظلات في حال الإغلاق بارتفاع (21.70) متر. كما أن مشروع الساحات التي أمر خادم الحرمين بإكمالها في الجهة الشرقية من المسجد تقع على مساحة (30500) متر مربع، وهي مثل الساحات الأخرى ساحة انتشار ومهيأة للصلاة عند الحاجة.