فاجأ بنك اليابان المركزي أسواق المال العالمية اليوم الجمعة، بتوسيع برنامجه التحفيزي الضخم. في إقرار واضح منه بأن النمو الاقتصادي والتضخم في البلاد لم يتسارعا بالقدر المتوقع بعد رفع ضريبة المبيعات في نيسان (أبريل). ووصف محافظ البنك المركزي هاروهيكو كورودا قرار مجلس الإدارة شراء المزيد من الأصول بأنه "خطوة استباقية للإبقاء على السياسة النقدية في مسارها بدلاً من كونه اعترافاً بأن خطته الرامية لإنعاش الاقتصاد المتعثر خرجت عن مسارها". غير أن بعض الاقتصاديين تساءلوا عما إن كان ضخ المزيد من الأموال في النظام المالي سيكون فعالاً في ظل استمرار تدهور مؤشر ثقة المستهلكين وضعف الطلب. وقال شون كالو الخبير الاستراتيجي المتخصص في شؤون العملات لدى ويستباك: "من الواضح أنها مفاجأة كبيرة في ضوء تشديد كورودا مراراً على أن السياسة ماضية في مسارها وتأكيده على التحذير من الأثر السلبي لضعف عملة الين". وأضاف: "نحيي بنك اليابان على إقراره بأنه لم يكن يتجه لتحقيق أهدافه الخاصة بالتضخم أو الناتج المحلي الإجمالي، وإن كنا نشير إلى أن السياسة الجديدة تعادل نحو 60 بليون دولار من التيسير الكمي شهرياً. هذا المنظور يثير تساؤلاً بشأن مدى تأثير السياسة النقدية". وجاءت الخطوة المفاجئة من بنك اليابان الذي كان من المتوقع أن يبقي على مستوى مشترياته من الأصول، في الوقت الذي لمحت فيه الحكومة باستعدادها لزيادة الإنفاق من أجل تعزيز الاقتصاد ويتجه فيه صندوق معاشات التقاعد الحكومي الأكبر في العالم إلى زيادة مشترياته من الأسهم المحلية والأجنبية. وقال كورودا في مؤتمر صحافي إنه "قررنا توسيع (برنامج) التيسير الكمي والنوعي لضمان تحقيق هدفنا الخاص بالأسعار في وقت مبكر"، مؤكداً على هدف بنك اليابان المتمثل في الوصول بمعدل تضخم أسعار المستهلكين إلى اثنين في المئة في العام المقبل. وأضاف أن "اليابان تمرّ حالياً بلحظة حرجة للخروج من دائرة انكماش الأسعار. وخطوات اليوم تظهر إصرارنا القوي على إنهاء الانكماش". وتتناقض خطوة بنك اليابان بشكل واضح مع تلك التي اتخذها مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) الذي أنهى برنامجه التحفيزي يوم الأربعاء، إذ يرى أن الاقتصاد الأميركي تعافى بما يكفي للاستغناء عن ضخ السيولة في نظامه المالي. وفي قرار شهد انقساماً نادراً وافق مجلس إدارة بنك اليابان المركزي بأغلبية خمسة أصوات مقابل رفض أربعة على زيادة مشترياته من السندات الحكومية اليابانية إلى 80 تريليون ين (723.4 بليون دولار) سنوياً بزيادة 30 تريليون ين. وقال البنك المركزي أيضاً إنه "يعتزم زيادة مشترياته من صناديق المؤشرات وصناديق الاستثمار العقاري إلى ثلاثة أمثالها، وشراء سندات ذات آجال أطول"، وهو ما أدى إلى صعود الأسهم اليابانية وتراجع حاد في الين. وأشار كورودا الى أن هبوط أسعار النفط وتباطؤ النمو العالمي وضعف إنفاق المستهلكين بعد زيادة الضرائب يؤثر سلباً على نمو الأسعار. وكان معظم الخبراء الاقتصاديين الذين استطلعت "رويترز" آراءهم الأسبوع الماضي، توقعوا أن يقرر البنك المركزي تيسير سياسته مجدداً ولكن ليس بهذه السرعة. وتوقعت أغلبية الاقتصاديين أن يُقبل البنك على هذه الخطوة أوائل العام المقبل. ووصف وزير الاقتصاد الياباني أكيرا أماري التيسير النقدي بأنه خطوة جاءت في الوقت المناسب. وقال إن خطوة البنك المركزي على صلة بالقرار الذي يوشك رئيس الوزراء شينزو آبي على اتخاذه بخصوص زيادة جديدة لضريبة المبيعات في تشرين الأول (أكتوبر) 2015 لكنها مستقلة عن قرار آبي. وإذا قرر رئيس الوزراء الزيادة الجديدة في الضرائب، فإن ذلك سيحد من الدين الحكومي الثقيل لكنه ينذر بضربة جديدة للاقتصاد. وفي تقرير نصف سنوي لبنك اليابان، خفّض البنك توقعاته للنمو في السنة المالية التي تنتهي في آذار (مارس) إلى 0.5 في المئة. وقلّص البنك أيضاً توقعاته لمؤشر أسعار المستهلكين للسنتين الماليتين 2014 و2015، لكنه ما زال يتوقع تحقيق هدف التضخم الذي حدده في الأصل لهاتين السنتين. وقفز مؤشر "نيكي" القياسي إلى أعلى مستوياته في سبع سنوات بعد أن فجر البنك المركزي مفاجأته، ليغلق مرتفعاً 4.8 في المئة. وهبط الين بعد إعلان قرار بنك اليابان إذ ارتفع الدولار أمامه إلى 110.91 ين ليسجل أعلى مستوى له منذ عام 2008 من 109.34 ين قبل الإعلان. وفي علامة على التحديات التي يواجهها البنك المركزي، أظهرت بيانات في وقت سابق اليوم، وصول معدل التضخم الأساسي السنوي لأسعار المستهلكين إلى واحد في المئة، مع استبعاد تأثير زيادة الضرائب في نيسان بما يمثل نصف المستوى الذي يستهدفه البنك. وانخفض الإنفاق الأسري للشهر السادس على التوالي في أيلول (سبتمبر) مقارنة به قبل عام، بينما تراجع معدل توافر الوظائف من ذروته في 22 عاماً التي سجلها في آب. ووافقت اللجنة الحكومية اليابانية المشرفة على صندوق معاشات التقاعد الحكومي اليوم الجمعة، على خطط الصندوق زيادة نسبة حيازاته من الأسهم المحلية إلى 25 في المئة من محفظته، ارتفاعاً من 12 في المئة حالياً. وتبلغ قيمة الصندوق 1.2 تريليون دولار.