قررت وزارة الخزانة الأميركية تأجيل بدء العمل بقانون الامتثال للضريبة الأميركية (فاتكا) لستة شهور حتى 1 تموز (يوليو) 2014 لإعطاء المصارف الأجنبية فرصة للاستعداد بصورة أفضل للامتثال للقانون. والتحديات والصعوبات التي تواجهها المصارف غير الأميركية، بما فيها المصارف العربية، للامتثال للقانون كثيرة ومعروفة، كما أعرب عدد كبير من المصارف عن قلقه من كلفة تطبيق القانون ونطاقه، فهو يتعارض أحياناً مع قوانين محلية تحمي المعلومات الخاصة بأصحاب الحسابات. ولم تتمكن مصارف كثيرة من وضع الترتيبات التقنية والقانونية اللازمة للامتثال. وللمساعدة في حل هذه المشكلات القانونية تعمل وزارة الخزانة الأميركية على صياغة اتفاقات تمكن الحكومات حيث تعمل مصارف غير أميركية من التعامل كوسيط مؤتمن على المعلومات مع الوزارة. وفي ما يخص البحرين، أصدر المصرف المركزي قبل شهور خطاباً لكل المصارف العاملة في البحرين طالبها فيها باستكمال استعداداتها بحلول نهاية العام الجاري للامتثال للقانون. وعقدت جمعية المصرفيين في البحرين لقاءات تناولت مناقشة هذا الموضوع وطبيعة القانون وانعكاساته على المصارف المحلية، وذلك بالتزامن مع إصدار وزارة الخزانة الأميركية القواعد النهائية لقانون الامتثال للضريبة الأميركية. وتضمنت القواعد التي أصدرتها وزارة الخزانة الأميركية إعطاء خيارين للمصارف الأجنبية، بما فيها مصارف البحرين والخليج للتعاون في الامتثال للقانون. النموذج الأول والذي طبقته دول مثل بريطانيا وإرلندا وألمانيا وإسبانيا والنروج وسويسرا وأيسلندا والمكسيك والدنمارك، وتتفاوض 60 دولة للدخول فيه، يتطلب قيام الحكومات ذاتها وليس المصارف بتوقيع اتفاقات تعاون مع الحكومة الأميركية. وللدخول في هذه الاتفاقات، تحتاج الدول إلى التوقيع على اتفاق تبادل المعلومات أو اتفاق الازدواج الضريبي مع الولاياتالمتحدة. وما لم توقع حكوماتها اتفاقات مع الحكومة الأميركية في شأن القانون، على المؤسسات المالية الدخول في اتفاقات ثنائية مع مصلحة الضرائب الأميركية في شكل فردي، لكن في حال التوقيع، على المصارف فقط التسجيل. وتفضل وزارة الخزانة الأميركية هذا الخيار، وهذا سيجعل الامتثال للقانون أسهل وأرخص للمصارف لأنه سيزيل عدداً من العوائق القانونية، خصوصاً سرية الحسابات المصرفية، إذ تعتبر المؤسسات المالية في البلد كلها مشاركة في الامتثال للقانون، كما أن عدم مشاركة الفروع والوحدات المصرفية التابعة لمصرف خليجي معين والتي هي خارج البلد الخليجي لن يؤثر في وضعية هذا المصرف. وبموجب هذا النموذج ستقدم المؤسسات المالية في البلد تقاريرها إلى الجهات الرقابية المحلية في بلدانها التي ستقوم بدورها بتقديم التقارير إلى السلطات الأميركية. وستكون المؤسسات المالية محكومة بالاتفاق الذي وقعته حكومتها مع الحكومة الأميركية وليس بتشريعات قانون الامتثال للضريبة الأميركية. والأهم من ذلك كله أنه بإمكان المؤسسات المالية عند قيام حكوماتها بتوقيع هذه الاتفاقات اتباع التشريعات المحلية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وذلك للتعرف على الأشخاص أو الكيانات الأميركية (المؤسسات الأجنبية غير المالية). وهذا سيخفض في صورة كبيرة العمل الإضافي في إجراءات دراسة العناية الواجبة للعميل. أما بموجب الخيار الثاني، أي عدم قيام حكومات البلدان بتوقيع اتفاقات مباشرة مع الحكومة الأميركية للامتثال للقانون، يجب على المصارف الخليجية الدخول في اتفاقات مباشرة مع مكتب الضرائب الأميركي من ضمن المواعيد المحددة في القانون. كذلك يتعين على المصارف المركزية التعاون مع وزارة الخزانة الأميركية في الإبلاغ عن المؤسسات المالية غير المتعاونة في بلدانها. ويجب على هذه المؤسسات بدء العمل على دراسة العناية الواجبة لزبائنها الحاليين للتعرف على ما سمي في قواعد القانون «الدلائل الأميركية» أي إمكانية تعريف السلطات الأميركية بالأشخاص أو الكيانات الخاضعة للضريبة، مع وضع إجراءات جديدة حيز التطبيق بالنسبة إلى الزبائن الجدد وتعديل الأنظمة في أقرب فرصة ممكنة. وبموجب قواعد القانون، فإن المواطنة هي واحدة من شروط كثيرة تتعلق بتعريف الأشخاص أو الكيانات الخاضعة للضريبة. وهناك عدد من الحقائق الأخرى التي يمكن أن تجعل الشخص خاضعاً للضريبة في الولاياتالمتحدة، بغض النظر عن الجنسية، ومنها، مثلاً، مكان الميلاد، والبطاقة الخضراء، والإقامة المستمرة في الولاياتالمتحدة. ونظراً إلى سهولة تطبيق النموذج الأول، خصوصاً أن الامتثال للقانون ينطوي على تكاليف تشغيلية كثيرة ناجمة عن تعديل إجراءات فتح الحسابات الجديدة ومتابعتها ومراقبتها والتدقيق فيها، وأنظمة معالجة المعاملات وإجراءات التعرف إلى العميل التي تستخدمها المصارف الأجنبية، وتكاليف التوعية وإنشاء وحدة خاصة بالامتثال للقانون يعمل فيها موظفون أكفاء وذوو خبرة وغيرها، بدأ العديد من المصارف الخليجية والعربية بالتحرك الفعلي لدى مصارفها المركزية لإقناع حكوماتها بالدخول في اتفاقات مباشرة مع الخزانة الأميركية لتنفيذ القانون. لذلك، يُتوقَّع أن يعمد عدد من الحكومات الخليجية بما في ذلك حكومة البحرين إلى التوقيع على اتفاقات مع الحكومة الأميركية في شأن تنفيذ القانون ما سينعكس إيجاباً على مهمات المصارف المحلية في الالتزام بالقانون، خصوصاً أن المصرف المركزي في البحرين وبقية المصارف المركزية الخليجية كانت رائدة دوماً في إدخال التشريعات والقواعد التنظيمية العالمية الجديدة، كما أن التنوع في الصناعة المصرفية الخليجية يحتم التعامل معها وفق أحدث القواعد المصرفية، ما يسهل عمل المصارف العاملة ويمكنها من مواصلة أداء أدوارها الحيوية. الرئيس التنفيذي ل «مجموعة البركة» المصرفية