تضع منظمة الأغذية والزراعة المملكة العربية السعودية في المرتبة الثالثة ضمن أكبر عشرة منتجي تمور دولياً (712 ألف طن سنوياً)، استناداً إلى إحصاء عام 2001. وتسبقها مصر (1102 ألف طن) وإيران (900 ألف طن). وتحتل الإمارات المرتبة السابعة (318 ألف طن)، وعُمان الثامنة (260 ألف طن). وحين يُجمع إنتاج الدول الخليجية الثلاث على أساس انتمائها إلى تكتل اقتصادي هو مجلس التعاون الخليجي يبلغ (1290 ألف طن) ليحتل التكتل المرتبة الأولى. وتحسن الإنتاج الخليجي كثيراً في العقد الأخير، كماً وجودة. ويحتفظ الخليجيون بمكانة مميزة للرُطب، وهو الثمار في حال نضجها وقبل جفافها وتحولها إلى تمر، أوصلت سعر الواحدة منها إلى 13 دولاراً. ويكاد هذا الاهتمام المرتبط بتذوق خاص أن يقتصر عليهم. ويشبه هذا المزاج ما يقال أحياناً بأن القاسم المشترك بين أعضاء رابطة شعوب جنوب شرق آسيا الاقتصادية (آسيان) أنهم يأكلون الرز، وتضم المجموعة بروناي دار السلام، وكمبوديا، وأندونيسيا ولاوس وماليزيا وميانمار والفلبين وسنغافورة وتايلند وفيتنام. وعلى رغم قواسم مشتركة كثيرة بين شعوب دول مجلس التعاون، فهي تتميز عن محيطها العربي باحتفائها الشديد بالرّطب. ووسط الخليط المتعدد الأعراق في الخليج، ينفرد أهل المنطقة بانتظارهم موسم نضج البلح على أحرّ من الجمر، وتكاد تكون تلك الثمرة فاكهة وحيدة يقبل عليها المواطنون، ويعزف عنها وافدون من أجناس الدنيا. ولا يستثنى الغربيون الذين يستهويهم عادة الطازج من منتجات الأرض، فإن شغفهم الأساس بالتمر. ويختلف موسم نضج البلح من دولة إلى أخرى في الخليج، وأبكرها نضجاً في عُمان حيث يشهد نوع النغال إقبالاً من صفوة المستهلكين وفي مقدمهم شيوخ وحكّام دول الخليج. ويختلف سعره من بلد خليجي إلى آخر، ففي البحرين يبدأ الموسم مع تباشير الصيف في حزيران (يونيو)، وتليها السعودية. أما في الإمارات ونظراً إلى محاذاتها لعُمان، يتنافس الناس على الحصول على الثمرات الأولى الناضجة، إذ تأتي بعد الانتظار شهوراً لتذكر الناس بقساوة عيش ماضية. كان نضج ثمار الرطب قبل عصر النفط ينبئ بسعة عيش لشهور مقبلة في بلدان قست عليها الطبيعة. وبارتفاع الطلب يرتفع السعر ليُقارن بأسعار الذهب، كما تذكر «سكاي نيوز» العربية. ويستمر الموسم في البحرين حتى تشرين الثاني (نوفمبر)، ويتسابق الناس على أنواع كالبجيرة. وإذا ذهبت صباحاً إلى المزارع لشراء الرطب لا تجد طلبك، لكن يهمس لك البائع، في حال أردت الحصول على أفضل الموجود صلّ صلاة الفجر وتعال بعدها، أي في الرابعة والنصف. ويستمر تهافت المشترين لتذوق بواكير الثمر، نظراً إلى طعمه المميز ومكانته في النفوس. وانتشرت المهرجانات الخاصة بالرطب في معظم دول الخليج، وهي تختلف عن مهرجانات التمور. واعتبر المدير العام لمجلس تنمية المنطقة الغربية محمد المزروعي، أن عقد مهرجان ليوا للرطب في أبوظبي في دورته التاسعة هذه السنة، جزء من اهتمام الدولة «لتحسين مستوى عيش سكانها، وتطوير بنية تحتية متقدمة تكون ركيزة لمشاريع سياحية وثقافية وعمرانية، وتشكل نواة لصناعة متطورة». مهرجان الرطب وقال وزير البيئة والمياه الإماراتي راشد بن فهد عن مهرجان رطب في أبوظبي، وفي إطار مبادرة لتسويق رطب المزارعين في الدولة، إن ذلك «يشجعهم على التوسع في زراعة أصناف جيدة من التمور، وإحلال زراعتها مكان أصناف ذات مردود اقتصادي متدن، وتحسين مواصفات التمور التي تحقق للمزارع أسعاراً تسويقية جيدة، بالتالي زيادة العائد الاقتصادي لإنتاج التمور». ويستمر بعض معارض الرطب ثلاثة أشهر، كما هي حال معرض الشارقة، الذي ينظّم سنوياً بين حزيران (يونيو) وأيلول (سبتمبر). وتراوح أسعار الرطب لدى نضوج ثماره الأولى وفق البلد والزمان. ويبدو أن الطقس الشديد الحرارة في عُمان انعكس إيجاباً لمصلحتها في إحدى المرات القليلة، لتصبح الدولة الأولى التي تشهد بشائره. وعلى رغم نضوج بعض البلح في نيسان (إبريل) من كل عام، إلاّ أن نوع النغال هو الجامع بين أمرين: النضج المبكر والجودة. ويُباع استناداً إلى جريدة عمان، في أول نزوله بالبلحة الواحدة، إذ بيعت الرطبة الواحدة الأولى ب 13 دولاراً في هذا الموسم، وب 19 دولاراً في موسم 2012 و26 دولاراً في 2010. وبيع الكيلوغرام ب 1040 دولاراً هذه السنة. أما في السعودية، فرطب المدينة هو الأسرع نضجاً ويراوح سعر الكيلوغرام بين 13 و20 دولاراً. ولأن الرطب الناضج مبكراً يحظى بالأسعار الأعلى، عمد البعض إلى تعريض البسر وهو الثمر قبل الرطب، إلى معالجة كيماوية تسرّع النضوج. ونشرت صحف سعودية تحذيرات أعلنها متخصص المسرطنات في مستشفى الملك فيصل التخصصي فهد الخضيري، من أكل الرطب في بواكير أيامه، لأن بعض مزارعي البلح الأخضر يعالجون بأحماض وكبريت أصفر ليتحول سريعاً إلى رطب، فيباع قبل الموسم بأسعار مرتفعة. ويبقى الرطب هو أقرب فواكه الصيف لنفوس الخليجيين، ويضيف إلى طعمه المميز واللذيذ عودة إلى الماضي حين كاد يكون الفاكهة الوحيدة.