للمرة الأولى منذ نحو 14 سنة، أغلقت الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى أمام المصلّين، ما أثار غضباً فلسطينياً وأردنياً وإسلامياً، قبل تراجع الشرطة ليلاً عن القرار. وأعربت أوساط أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى عن مخاوف من أن يؤدي تفجر الأوضاع في القدسالمحتلة إلى «إشعال حريق هائل في المنطقة كلها، وليس فقط انتفاضة ثالثة في الأراضي الفلسطينية»المحتلة، في وقت حمّل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس و «جهات إسلامية راديكالية» مسؤولية «موجة التحريض المتواصل على إسرائيل» ومحاولة اغتيال الناشط اليميني المتطرف يهودا غليك. (للمزيد) وحضت واشنطن على السماح لجميع المصلين المسلمين بدخول المسجد الأقصى، داعيةً كل الأطراف إلى «ضبط النفس». وندّدت بمحاولة اغتيال يهودا غليك. ويتزامن تأجج الأوضاع في القدس مع اتساع انتقادات دولية لإسرائيل بسبب سياستها الاستيطانية في الأراضي المحتلة، بدأتها الولاياتالمتحدة بتسريبات نعتت نتانياهو ب «الحقير». وفي ظل أجواء التأزم والتوتر، سجلت السويد أمس خطوة تعدّ سابقة في الاتحاد الأوروبي، إذ اعترفت رسمياً بدولة فلسطين، فيما دعت «لجنة حقوق الإنسان» في الأممالمتحدة الحكومة الإسرائيلية الى احترام حق الفلسطينيين في حرية التنقل في الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدسالشرقية وقطاع غزة. وتصاعدَ التوتر في مدينة القدس أمس بعد محاولة قتل غليك مساء أول من أمس، وقتلت قوات الاحتلال المشتبه في تنفيذه العملية الفلسطيني المقدسي معتز حجازي في هجوم على بيته. ونشرت الشرطة الإسرائيلية آلافاً من عناصرها في أرجاء القدس، وأغلقت المسجد الأقصى أمام المصلين، ما أثار ردود فعل عربية وإسلامية مندّدة، ودعا الأردن الى فك «الحصار الإرهابي». وأعلن نتانياهو، في مستهل جلسة مع وزيري الدفاع والأمن الداخلي وقادة الأجهزة الأمنية للبحث في مستجدات القدس ان «إسرائيل تواجه موجة تحريضية من جهات إسلامية راديكالية ومن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي أعلن أنه يجب منع وصول يهود إلى جبل الهيكل (المسجد الأقصى) بكل الوسائل». واعتبر وزير الدفاع موشيه يعالون أن «العمل الإرهابي» الذي تمثّل في محاولة اغتيال الناشط اليميني هو نتيجة «أكاذيب أبو مازن حول حقوق اليهود» وتحريضه المتواصل، «وهذا دليل آخر على ما نكرره من أن الصراع ليس على الأرض إنما يتعلق بعدم اعتراف الفلسطينيين بحقنا في الحياة هنا». وأعربت أوساط أمنية عن مخاوفها من أن تدفع محاولة قتل غليك، مستوطنين متطرفين إلى الانتقام من الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية «ما من شأنه أن يقود إلى معركة دموية حول جبل الهيكل (المسجد الأقصى)»، مضيفة أن هذه المعركة هي بمثابة «مواد تفجيرية» من شأنها أن تشعل المنطقة كلها. لكن أوساطاً سياسية بارزة استبعدت أن يتجاوب نتانياهو مع طلب أقطاب اليمين المتطرف تغيير «الوضع القائم» في المسجد الأقصى، نظراً إلى حساسية الموضوع ورد الفعل الفلسطيني المتوقع والضغط الدولي. إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قرار السويد الاعتراف بدولة فلسطين «مؤسفاً» و «لن يساعد» في جهود تسوية النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني «بل من شأنه فقط تعزيز العناصر المتطرفة وسياسة الرفض لدى الفلسطينيين». ويترجم قرار السويد على أرض الواقع مخاوف أبدتها محافل سياسية إسرائيلية من أن يشكل تصويت مجلس العموم (البرلمان) البريطاني إلى جانب الاعتراف بدولة فلسطين، رغم طابعه الرمزي، «كرة ثلج» تقود في نهاية المطاف إلى اعتراف الاتحاد الأوروبي كله بفلسطين. واستدعت الخارجية الإسرائيلية سفيرها في ستوكهولم، معتبرةً أن القرار السويدي «لا يساهم في إمكان العودة إلى المفاوضات» مع الفلسطينيين.