قدرت مصادر مصرفية واقتصادية حجم تحويلات الأجانب العاملين في السعودية بنحو 616 بليون ريال خلال السنوات العشر الماضية عبر القنوات الرسمية فقط، منها 89.4 بليون ريال خلال العام الحالي. وقالت المصادر إن تحويلات العمالة الأجنبية العام الحالي تزيد بنسبة 14 في المئة عن العام الماضي كله، إذ بلغت 78.5 بليون ريال. وقالت أن حجم تلك الحوالات خلال المدة نفسها (عشر سنوات) عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية أو ما يسمى «الاقتصاد الأسود» بأكثر من 1.2 تريليون ريال، ما يجعل السعودية الأولى على مستوى العالم في حجم التحويلات. وعزا عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبدالحميد العمري أسباب ارتفاع حجم الحوالات الى عدم فعالية خطة السعودة في ظل وجود أكثر من سبعة ملايين عامل أجنبي، منهم نسبة كبيره من الأميين، في مقابل 1.5 مليون سعودي يحملون مؤهلات مختلفة من ثانوية عامة ودبلوم وجامعي يبحثون عن عمل. وأشار إلى أن ما يؤكد أن خطط السعودة قاصرة هو طرح وظائف للسعوديين مثل السائق، وسائق التاكسي، وبائع خضار، وغيرها من المهن التي لا يحرص الوافد على العمل فيها. وبيّن العمري أن هناك عدداً من الوظائف التي يشغلها الأجانب ومنها المكتبية والفنية والتقنية والتخصصية وتعتبر مكلفة جداً، ويتقاضى العاملون فيها رواتب عالية، في حين لا يحصل المواطن الذي يعمل في الوظيفة نفسها على تلك المميزات او الرواتب. ولفت إلى أن 70 في المئة من العمالة الوافدة غير ضروري في ظل وجود عدد كبير من السعوديين الباحثين عن عمل ولديهم من القدرات والكفاءات التي تمكنهم من أداء تلك الأعمال في مقابل المميزات والرواتب المغرية التي تعطى للوافد. وطالب العمري بإعادة النظر في سياسة السعودة وما يتبعها حتى يتم خفض حجم البطالة التي قدرتها مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي أخيراً بنحو 14 في المئة، فيما تبلغ نسبة العاطلين عن العمل من حملة شهادة الثانوية العامة 37 في المئة. وشدد على ضرورة الحد من الاستقدام وتشديد الرقابة على عملية التوظيف في القطاع الخاص، وفتح القنوات الاستثمارية للأجانب في الداخل، وتشجيعهم على استثمار جزء كبير من تلك التحويلات. ولفت إلى أن سياسة الدعم للمشاريع في المملكة تركز على المشاريع الكبرى، وأهملت المشاريع المتوسطة والصغيرة، ما أسهم في سيطرة الأجانب على تلك المشاريع. من جهته، قال عضو مجلس الشورى سابقاً رئيس دار الدراسات الاقتصادية الدكتور عبدالعزيز الداغستاني إن حجم تلك الحوالات كبير جداً، وهو نزيف للمال الوطني، ما يجعلنا نطالب بإعادة النظر في عملية الاستقدام، والتي تشهد عمليات احتيال وتزوير وتستر من الكثير من السعوديين الذين يستقدمون العمالة للعمل في غير مجالهم والتستر عليهم بطرق مختلفة.وبيّن أنه من الضروري فتح فرص الاستثمار للأجانب في السعودية لاستثمار جزء من تلك المبالغ في الداخل وعدم وضع عراقيل أمام أي مستثمر. وطالب الداغستاني بإعادة النظر في كثير من الأنظمة والقوانين الموجودة في المملكة والتي ما زالت قاصرة ويسهل اختراقها، والعمل على تطويرها بما يتوافق مع معطيات العصر الحاضر. أما رئيس لجنة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في غرفة الرياض خلف الشمري فأوضح أن إحلال السعوديين محل العمالة الأجنبية في إدارة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة سيسهم في الحد من ارتفاع حجم الحوالات، إضافة الى ضرورة التوازن في عملية الاستقدام، خصوصاً في ظل انتشار عمليات التستر والعمالة المتخلفة التي اتجه الكثير من الناس الى تشغيلها. وطالب بتأهيل الشباب السعودي بشكل جيد في ظل توفر فرص وظيفية في هذه المنشآت والتي تديرها العمالة في شكل كبير، كما أشارت إحدى الدراسات التي بينت أن نسبة فرص العمل التي توفرها المشاريع الصغيرة والمتوسطة للشباب السعودي لا تزال ضعيفة، إذ لا تزيد على 25 في المئة، والباقي 75 في المئة يديرها عمالة أجنبية. وذكر الشمري أنهم في اللجنة يسعون إلى بلورة علاقات مع عدد من الجهات، منها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وبنك التسليف وجامعة الملك سعود وغيرها من القطاعات الأخرى، بهدف تمكين الشباب من تملك تلك المنشآت، وبالتالي سيحد ذلك من حجم الحوالات التي تشهد ارتفاعاً من عام إلى آخر. وبين أن هناك نسبة كبيرة من العمالة الأجنبية أمية وتدربت في السوق السعودية على مختلف المهن، وانتقلت إلى بلدان أخرى بخبرات متقدمة، ما يجعلنا نطالب بإحلال الشباب السعودي في تلك المهن. وكانت المملكة أصدرت قراراً في عام 2003 يقضي بتحديد سقف العمالة الوافدة ومرافقيها في المملكة كنسبة مئوية من السكان لا تتجاوز 20 في المئة، على ان يتم الوصول الى هذه النسبة في مدة أقصاها عشر سنوات، وذلك مع نهاية العام 2012. ونص القرار على إجراء توازن بين جنسيات العمالة الوافدة ومرافقيها في السعودية بحيث لا تزيد نسبة أية جنسية من هذه الجنسيات على 10 في المئة من مجموع العمالة الوافدة. ويهدف القرار إلى الحد من العمالة الوافدة في شكل تدريجي على مدى السنوات العشر وإتاحة المزيد من فرص العمل للعمالة الوطنية.