ما أن فرضت «الدولة الإسلامية» سيطرتها على مدينة دير الزور شرق سورية والأرياف المحيطة بها منذ نحو ستة أشهر، حتى بدأت تحركات سرية لمجموعة مسلحة ضمت عناصر من «الجيش الحر» هدفها خطف واغتيال مقاتلي «داعش». ضمت المجموعة التي حملت اسم «الكفن الأبيض» مجموعة من الألوية المقاتلة التي كانت تقاتل في كل من المدينة والأرياف، وهدفها اغتيال وقنص عناصر «الدولة» وضرب مقراتهم، بالإضافة إلى نصب كمائن وعمليات خطف وتصفية مباشرة لمن يقع بين أيديهم، لا مفاوضات أو تبادل أسرى. «خزعل السرحان» مؤسس الفصيل المسلح أوضح ل «الحياة» سبب اختيار اسم «الكفن الأبيض» للمجموعة بأن في ذلك إشارة إلى أن عناصر «داعش» الذين ارتكبوا مجازر كثيرة بحق المدنيين والعسكريين في المنطقة لن يخرجوا منها إلا مقتولين ومحمّلين بأكفان. وأضاف أنّ تصرفات «الدولة الإسلامية» وأسلوبها مع مقاتلي الجيش الحر والمدنيين لم يختلف أبداً عن أسلوب النظام السوري حيث أنهم «على سبيل المثال عندما يلقون القبض على شخص ما يقومون بضربه وإذلاله، بالإضافة إلى أنهم خلال فترة محاصرتنا لمطار دير الزور ومحاولاتنا التقدّم فيه كانت عناصر من التنظيم تقوم بالاستيلاء على كل دفعات السلاح والذخيرة التي تصلنا الأمر الذي يمنعنا من التقدم على قوات النظام السوري» على حد قول السرحان. السرية هي أهم عنصر في عمل المجموعة المسلحة التي تضم ما يقارب 20 خليّة لا تعرف بعضها بعض، وكل خليّة لا تتجاوز 4 أشخاص وهنا يقول «السرحان» ل «الحياة» «يتواصل مع كل خلية شاب يمدّهم باحتياجاتهم من ذخيرة وقنابل وعبوات»، ويتابع: «يصل عدد عناصر الكفن الأبيض إلى 150 عنصراً في البوكمال و100 في ريفها ونحو 40 في العشارة أغلبهم لم يكونوا مقاتلين قبل دخول داعش لذلك من الصعب عليه اختراقهم والإمساك بهم». لم تتح ضربات التحالف التي استهدفت معاقل «داعش» أي فرصة ل»الكفن الأبيض» في توسيع عمليات الاغتيال، حيث أشار «السرحان» ل «الحياة» «إن عناصر داعش كانت على أهبة الاستعداد لضربات التحالف حيث أنهم يقومون بإخلاء مقراتهم فجراً ويعودون بعد انتهاء الضربة». وأكد «السرحان» ل «الحياة» صحة الخبر الذي تم تداوله مؤخراً حول حادثة التسمم التي حصلت في أحد مطاعم حقل العمر النفطي في ريف دير الزور الشرقي الذي يعدّ يومياً كميات كبيرة من الطعام لمقاتلي داعش، حيث قام عناصر من الكفن الأبيض بتسميم الطعام الأمر الذي نجم عنه مقتل ما يقارب ال 100 عنصر بينهم قياديون من التنظيم بالإضافة إلى عدد من حالات التسمم. وكان الكثير من ناشطي مدينة دير الزور نشروا خبر التسمم في المطبخ الميداني وأكده البعض منهم نقلاً عن أقرباء لهم يقاتلون ضمن صفوف «الدولة»، حيث تم دفن الجثث سراً ضمن مقبرتين جماعيتين. وتعتمد عمليات المجموعة على نصب كمائن واغتيال عناصر من «داعش»، حيث قامت مؤخراً في البوكمال بإحراق سيارتين استهدفتهما بقذيفة آر بي جي. وحول أرقام الضحايا النهائي يؤكد «السرحان» ل «الحياة» دقتها بقوله: «هناك أشخاص تعمل مع الدولة الإسلامية إلا أنها عناصر تابعة للكفن الأبيض تمدّنا بالأخبار ونتائج عملياتنا التي نقوم بها». لم تتلق المجموعة أي دعم عسكري من أي جهة الأمر الذي أكده «أبو علي البوكمالي» الناطق الإعلامي باسم المجموعة، وأضاف أن كل العمليات تتم بالاعتماد على ما تملكه كتائب تابعة للجيش الحر. أبو علي البوكمالي الذي اضطر إلى الهرب إلى العراق خوفاً من تصفيته قام بتلفيق إشاعة قتله من قبلهم حفاظاً على سرية المجموعة بعد الضغوطات التي تعرّض لها بحكم عمله في الإعلام وظهوره في وسائل إعلام مختلفة. وعلى رغم ذلك إلا أنه يؤكد أن هدف المجموعة تم تحقيقه وهو بث الرعب بين صفوف عناصر الدولة الإسلامية حيث أنه من المستحيل اليوم أن «تقابل عنصراً منهم يمشي وحده في الطريق وهم غالباً ما يتجولون في مجموعات خوفاً من الخطف».