غادر الموظف السابق في الاستخبارات الأميركية ادوارد سنودن قاعة الترانزيت في مطار «شيريميتوفو» الروسي، منهياً بذلك اقامة هناك استمرت نحو اربعين يوماً، بعدما ربطت موسكو قرار منحه حق اللجوء الموقت لمدة سنة بتعهده عدم ممارسة نشاطات تسيء إلى الولاياتالمتحدة. وأعلن اناتولي كوتشيرينا المحامي الروسي المتطوع للدفاع عن سنودن أنه حصل أمس، على وثيقة من هيئة الهجرة الروسية تتيح لموكله الاقامة والتنقل بحرية داخل الأراضي الروسي لمدة سنة واحدة. وغادر أوسع اللاجئين شهرة كما وصفته الصحافة الروسية، المطار أمس، فور تسلمه الوثيقة إلى وجهة غير معلومة «حرصاً على حياته». وأوضح محاميه أن تنقلات سنودن ستحاط بسرية تامة، باعتبار أن اسم الرجل بات «في مقدم لائحة المطلوبين في العالم». ولم يأتِ هذا التطور مخالفاً للتوقعات، إذ بات معروفاً منذ الاسبوع الماضي، أن الهيئات المختصة الروسية ستمنح سنودن اللجوء الموقت وإن تأخر القرار النهائي بهذا الشأن لأسباب وصفت بأنها «بيروقراطية». ولم يصدر الكرملين حتى مساء أمس، تعليقاً على التطور، لكن مصدراً أمنياً روسياً قال إن الوضع الجديد لسنودن يوفر حماية قانونية كاملة له، باعتبار أن القانون الروسي يحظر تسليم أي شخص حصل على الاقامة الموقتة، مرجحاً تراجع واشنطن عن نيات تقديم طلب رسمي لتسليمه، بعد حصوله على الوضع الجديد. وعلى رغم أن ملف سنودن أرخى بظلال ثقيلة على العلاقات الروسية – الأميركية المتوترة أصلاً، وأدى الى تلويح بالغاء زيارة الرئيس باراك اوباما لروسيا في أيلول (سبتمبر) المقبل، فإن خبراء رجحوا ان تتراجع حدة التصريحات بين الجانبين بعد حسم الموضوع بهذه الطريقة. وقال ل «الحياة» مدير معهد المعلومات السياسية اليكسي موخين إنه لا يتوقع تصعيداً أميركياً، أو تدهوراً في العلاقات لأن الطرفين الروسي والأميركي «لا يريدان توسيع هوة الخلاف. وثمة اتفاق على بذل جهود لتقريب وجهات النظر في ملفات عدة والبحث عن حلول للمشكلات المستعصية». وأوضح موخين أن واشنطن التي «خسرت حرب الاعصاب» في هذا الملف، ستميل إلى تهدئة الموقف وتحويل النقاشات حوله من وسائل الإعلام والدوائر المفتوحة إلى خلف الأبواب المغلقة، بهدف الحد من الخسائر الناجمة من هروب سنودن والتفاصيل التي كشفها». لكن البعض في موسكو اعتبر ان الاستحقاق الأساس الذي تتجه الانظار إليه حالياً، هو مدى التزام العميل السابق في وكالة الامن القومي الاميركية، بالشروط التي وضعها الكرملين لمنحه اللجوء، ما يعني ان تأثير القرار الروسي على العلاقات مع واشنطن سوف يتضح بالاعتماد على قدرة موسكو على ضبط تحركات سنودن وتضييق نشاطه. وكانت مؤشرات في هذا الاتجاه ظهرت، واعتبرها البعض سيئة، منها أن سنودن غادر المطار الروسي برفقة ممثلة موقع «ويكيليكس» في روسيا سارة هاريسون. وكان الموقع شن حملة واسعة للدفاع عن سنودن، ووجه أمس، رسالة «شكر الى الشعب الروسي وكل من ساهم في الدفاع عن سنودن». وأعلن «ويكيليكس» في وقت سابق، أن سنودن سيصدر بياناً مهماً بشأن الحكم بحق برادلي مانينغ، الجندي الأميركي الذي سرب آلاف الوثائق السرية إلى «ويكيليكس». إلى ذلك نقل المحامي كوتشيرينا عن والد سنودن انه يخطط لزيارة موسكو، وامتنانه للسلطات الروسية على تقديمها الحماية لابنه، وتمنيه ان يبقى في روسيا. لكن أمنيات والد سنودن قد لا تجد ارتياحاً واسعاً في موسكو، وقال مصدر ديبلوماسي ل «الحياة» أمس، إن موسكو لا تحبذ بقاء سنودن طويلاً، لذا فضلت «حلاً وسطاً عبر منحه اللجوء الموقت»، فهي بذلك «تنهي قضية انسانية وتسمح لسنودن بالخروج من المطار والتجول بحرية لفترة موقتة، لكنها ترى ايضاً أن الفترة الممنوحة كافية لأن يجد اللاجئ الأميركي مكاناً يستبقله ويغادر الأراضي الروسية بأمان».