أكدت مصادر متطابقة ل «الحياة» أن رئيس «الاتحاد الديموقراطي الكردي» صالح مسلم قام بزيارة غير معلنة إلى تركيا حيث التقى وزير الخارجية أحمد داود أوغلو وعدداً من المسؤولين لبحث مشروع إقامة إدارة ذاتية في البلاد، فيما قالت مصادر تركية إن أنقرة سعت للتفاهم مع مسلم لمنع قيام حكومة كردية في شمال سورية. ويُعتقد أن حكومة كردستان العراق لعبت دوراً في الوساطة بين الطرفين. وبعد التهديدات بالتدخل العسكري المباشر التي أطلقها كل من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وداود أوغلو، قامت أنقرة بخطوة مفاجئة، إذ دعت مسلم لعقد «لقاء سري وعاجل» في إسطنبول استمر يومين وفق ما سربته صحيفة «طرف» التركية التي قالت إن مسلم التقى عدداً من المسؤولين في القصر الجمهوري والاستخبارات والأمن والحكومة بينهم رئيس الاستخبارات خاقان فيدان، وأنه تم بحث الوضع في شمال سورية معه والاستماع إلى اتهاماته للحكومة بدعم «جبهة النصرة» ضده في القتال الدائر بين الجبهة وبين عناصر حزبه المسلحين في مدينتي رأس العين وتل أبيض. وبالتوازي مع هذه الزيارة، سمحت أنقرة للمرة الأولى للاجئين أكراد بالدخول من سورية إلى الأراضي التركية، ذلك أن مئات الأكراد الفارين من الحرب ومن «النصرة» ينتظرون منذ أسابيع على الحدود وترفض تركيا السماح لهم بالدخول بشبهة انتمائهم إلى «حزب العمال الكردستاني» بزعامة عبد الله أوجلان. واعتبرت الصحيفة الزيارة واللقاء مع من كان يعتبر العدو الأول لتركيا في سورية تحولاً مهماً في سياسة تركيا، ورأت أن الحكومة قد تضطر إلى ضم أكراد سورية إلى مسيرة الحل السلمي والاتفاق الذي عقدته مع أوجلان، وهو ما يعني أن تركيا ستضطر إلى دعم طموح أكراد سورية في حكم ذاتي مستقبلاً، إذ سيكون من الصعب دخول عملية سلام مع أكراد تركيا و «حزب العمال» والعمل ضد فرعه في سورية ومناصبته العداء في آن واحد. وأكدت مصادر مقربة من «الاتحاد الديموقراطي» ل «الحياة» أن مسلم زار تركيا وأجرى محادثات حول «نظام الإدارة الموقتة في غرب كردستان وفتح المعابر الحدودية مع غرب كردستان». وكان مسلم أعلن من أربيل نيته في تشكيل حكومة انتقالية تمهد لإدارة ذاتية في شمال شرقي سورية وشمالها، إلى حين انتهاء الحرب الأهلية في البلاد، في خطوة أثارت قلق أنقرة من ظهور منطقة كردية تتمتع بالحكم الذاتي على حدودها. وتزامن ذلك، مع سيطرة مقاتلي «قوات حماية الشعب» التابعة ل «مجلس غرب كردستان» حليف «الاتحاد الديموقراطي» على مناطق واسعة بعد مواجهات مع إسلاميين متشددين. وقال داود أوغلو إن مسؤولين أتراكاً اجتمعوا مرتين مع مسؤولين في «الاتحاد الديموقراطي» في الشهرين الماضيين، نافياً دعم أنقرة المجموعة المتطرفة. وفي مقابلة مع صحيفة «راديكال» التركية قدم وزير الخارجية التركي مجموعة مطالب إلى أكراد سورية تشمل «عدم التعاون» مع النظام السوري وعدم فرض «أمر واقع» مبني على أساس طائفي أو عرقي، وتسهيل المساعدات الإنسانية من دون تمييز، وعدم تهديد الحدود التركية لأن أنقرة ستضطر إلى الرد، والرغبة في أن يكون الأكراد جزءاً من «الائتلاف الوطني السوري» المعارض.