قال رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض احمد الجربا ان «حماية المدنيين» في سورية وايجاد حل سياسي لن يحصلا ب «استجداء» نظام الرئيس بشار الاسد، بل عبر «تغيير موازين القوى على الأرض، بما يساهم في إسقاط النظام والحفاظ على مؤسسات الدولة»، فيما أشار رئيس «المجلس الوطني» السابق برهان غليون ان هناك «ادراكاً متزايداً» في العواصم الكبرى إزاء ضرورة «التحرك لمساعدة السوريين على الخروج من الجمود». وأفاد «الائتلاف» بأن زيارة الوفد برئاسة الجربا وعضوية رئيس اركان «الجيش الحر» اللواء سليم ادريس الى باريس استهدفت «إقناع فرنسا بلعب دور أكبر في الشأن السوري والمساهمة في إضعاف فرص نشوب حرب محتملة ذات تبعات إقليمية واسعة، اضافة إلى ضمان الحصول على المساعدة المطلوبة لحقن دماء الشعب السوري من طريق دعم الجيش الحر تحت قيادة المجلس العسكري الأعلى، والحصول على المساعدات الإنسانية اللازمة وتوفير المزيد من الدعم المالي واللوجستي للجان المجالس المحلية في المحافظات السورية». وعُلم ان وفد «الائتلاف» اجتمع الى مسؤولين في وزارة الدفاع الفرنسية، اضافة الى محادثاته مع الرئيس فرنسوا هولاند واعضاء في الجمعية العمومية الفرنسية. ونقل البيان عن الجربا قوله: «أهم أولوياتنا اليوم يتركز على وقف شلال الدم المستمر، ووضع حد للدمار الذي يطاول سورية على يد نظام يعتبره السوريون أكثر عدوانية من أي احتلال أجنبي». وأضاف: «نسعى اليوم إلى توفير الحماية للمدنيين الذين يسقطون يومياً بالعشرات، حيث تدمر البيوت فوق رؤوس ساكنيها والمدارس فوق رؤوس النازحين والطلاب». وشدد الجربا على أن تحقيق هذه الأهداف لن يكون عبر «استجداء نظام الأسد ومطالبته بوقف القتل، فالسنتين الماضيتين من عمر الثورة أثبتتا أنه لن يفعل ذلك، وأن حماية أرواح المدنيين والحفاظ على ما بقي من البنية التحتية لن يتحقق من دون تغيير موازين القوى على الأرض، بما يساهم في إسقاط النظام والمحافظة في الوقت نفسه على مؤسسات الدولة كي تساهم في بناء سورية ديموقراطية». ونقل البيان عن الرئيس الفرنسي تأكيده في اللقاء على «استمرار دعم دولة فرنسا للائتلاف وجهود هيئة الأركان في قيادة الجيش الحر»، كما جدد التزام بلاده مساعدة الشعب السوري إغاثياً وإنسانياً، في حين أصر الجربا على أن «الحل السياسي الوحيد المقبول في سورية هو ذاك الذي يحقق تطلعات الشعب السوري في نيل الحرية وانتقال السلطة اليه وتقديم كل من أجرم بحقه للمحاكمة». وأوضحت مصادر «الائتلاف» ان الوفد ركز في المحادثات على نقاط محددة، هي «تعبئة المصادر الممكنة لتسليح الفصائل المقاتلة التي تنضوي تحت مظلة الجيش الحر وقيادة الأركان وتوفير المصادر والوسائل اللوجستية لها، وحشد الإمكانات اللازمة لأعمال الإغاثة، وتنظيم المجالس المحلية في المحافظات بما يساعدها على إدارة المناطق المحررة، وتوفير الخدمات فيها بانتظار تشكيل حكومة موقتة أكثر قدرة على القيام بهذه المهمات، ومحاولة تطوير الاعتراف السياسي الحالي بالائتلاف في اتجاه اعتراف قانوني بما يسمح بعزل النظام دولياً وهو الفاقد للشرعية أصلاً». وأشار وفد الائتلاف الى ان النظام السوري «يحظى بدعم غير مسبوق من إيران وروسيا وميليشيا «حزب الله»، بما يوفر له فصائل مقاتلة جديدة تفوق بقدرتها ما تبقى من الجيش النظامي، اضافة إلى كميات من الأسلحة والموارد تزداد يوماً بعد يوم كماً ونوعاً». وأكد ان «الدعم الذي نحصل عليه لا يمكن مقارنته بما يحصل عليه النظام، وفي الحصيلة لم تتم إعادة التوازن بين النظام الإجرامي وثورة الشعب السوري، بل ازداد الخلل منذ بضعة شهور وحتى الآن لصالح النظام بسبب تلكؤ المجتمع الدولي في الوفاء بوعوده السابقة سواء على صعيد التسليح أو الإغاثة أو وضع الآليات اللازمة لحماية الشعب السوري من القوات الغازية براً وجواً، وخصوصاً العزوف عن إقامة مناطق آمنة ومحرمة على طيران النظام». ورأى الوفد انه نتيجة «استمرار العجز الدولي عن تحمل المسؤولية الأخلاقية والتاريخية تجاه شعب يتعرض لإبادة جماعية، كان تدويل المسألة السورية أمراً منطقياً تفرضه دينامية الأحداث وانتشار مجموعات تسمى جهادية ومتطرفة لملء الفراغ الذي خلفه عجز المجتمع الدولي وتقاطع المصالح الإستراتيجية لقوى دولية متعددة، ويطلب اليوم من الشعب السوري دفع ثمن ذلك التقاطع لمصالح قوى خارجة عن المنطقة»، مع التأكيد ان «قسماً مهماً من هذه الجماعات تمت فبركته من قبل النظام السوري نفسه والأجهزة الروسية وإيران». الى ذلك، كتب غليون على صفحته في «فايسبوك» امس تعليقاً بعنوان «بارقة امل» بعد مشاركته في جلسة المحادثات مع هولاند: «انطباعي الرئيسي عن لقاءاتنا الدولية الأخيرة هو أن هناك إدراكاً متزايداً في العواصم الدولية الرئيسية بضرورة التحرك في اتجاه مساعدة السوريين للخروج من الجمود، بعد مرحلة طويلة وقاسية من التردد والتشكيك بالمعارضة أو بالقدرة على فعل شيء من دون دفع ثمن غالٍ، عسكرياً وسياسياً». وزاد: «يدرك الجميع، أو أغلب الحكومات المعنية، ان الهرب من المسؤولية والتخلي عن واجب وضع حد للفاشية السورية ومخططات حلفائها الاقليميين والدوليين لزعزعة الاستقرار في كل المنطقة، يضاعف من المخاطر ولا يقلل منها أو يوفر ثمن مواجهتها (...) لا نتحدث هنا عن واجب أخلاقي وإنما عن مصالح سياسية واستراتيجية عليا لا تتعلق بمصير الشعب السوري وحده وإنما بمصير القانون والحق والديموقراطية والسلام والعلاقات الدولية والانسانية في المنطقة وفي العالم». واختتم: «الأمل كبير».