إثر فوز الرئيس (الإيراني) حسن روحاني، بالانتخابات الأخيرة، برزت تطورات كثيرة علي صعيد علاقة إيران بالدول الغربية. وأبدى وزير الخارجية البريطاني السابق، جاك سترو، رغبته في لقاء روحاني في طهران، ورحب وزير الخارجية البريطاني الحالي، ويليام هيغ، بانتخابه، وطالب 120 من أعضاء الكونغرس الأميركي، باراك أوباما، بمد الجسور مع الرئيس الإيراني وإرجاء فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية علي بلاده. ويبدو أن لندنوواشنطن تدركان أهمية فوز روحاني، ولا تريدان تكرار الأخطاء السابقة التي وقعتا فيها أيام محمد خاتمي وطوال 16 سنة. وتريدان اقتناص الفرصة السانحة، إثر انتخاب 19 مليون إيراني روحاني، وثمة دعوات في العواصم الغربية إلى فتح صفحة جديدة مع إيران، و«ترحيب حذر» بالرئيس الجديد. وأثارت هذه الدعوات قلق شخصيات أصولية في إيران إزاء وقف «إطلاق النار» أو تعزيز الثقة بين إيران وبعض الدول الغربية. وما يستوقف هو أن جاك سترو لم يبدِ رغبته في المشاركة في مراسم أداء روحاني اليمين القانونية، وذلك خلال حديث الأول إلى القسم الفارسي في «بي بي سي». لكن بعض وسائل الإعلام القريبة من الأصوليين، قاربت الموضوع وكأن سترو حزم حقائبه لزيارة إيران! وطالب مسؤول بارز في التيار الأصولي لندن ب «الاعتذار لطهران عن دورها في إحداث الفتنة في 2009»، واعتبر آخر أن مشاركة سترو في مراسم أداء روحاني اليمين القانونية خطوة غير قانونية ولا تخدم أهداف النظام. وإذا سارت الأمور على هذا المنوال، ربما نسمع غداً تعقيباً علي موقف أعضاء الكونغرس، دعوات إلى الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة منذ 34 سنة، أو إلى إثبات حسن النيات فتعتذر واشنطن عن إسقاطها طائرة «آرباص» إيرانية في الخليج الفارسي، أو عن الانقلاب الذي قادته وكالة الاستخبارات الأميركية ضد الزعيم الإيراني محمد مصدق أو الحرب العراقية - الإيرانية والمقاطعة، إلخ. ليست المرحلة الحالية مناسبة لمثل هذه الدعوات، وتحليل سياسات النظام الشاهنشاهي التي كانت «منبطحة» أمام الإرادة الأميركية. فالشعب الإيراني يريد تغيير السياسات التي انتهجت منذ 2005، وهو لم ينتخب رافع لواء السياسات السابقة بل روحاني. فالإيرانيون رأوا أنه يرمي إلى الابتعاد عن التشدد ووقف مسلسل السياسات السابقة. ولكن، ما دواعي جبه الترحيب الغربي بفوز روحاني؟ لماذا الإلحاح علي تفويت هذه الفرصة؟ ولم يلقَ الأصوليون يوماً بمثل هذا الترحيب. كان يحق للأصوليين في 2005 و2009 أن يتجاهلوا مثل هذا الترحيب الغربي لو استقبلوا به. وقلق الأصوليين أو عدم ترحيبهم ب «غصن الزيتون» الذي رفعته الدول الغربية، إثر فوز روحاني، هو صنو تجاهل أصوات 19 مليون ناخب إيراني، منحت للرئيس ووعوده الإصلاحية ومنهجه في الاعتدال. ويعود إليه فحسب حق إبداء موقف إزاء الاحتفاء به. * أكاديمي، عن «شرق» الايرانية، 21/7/2013، اعداد محمد صالح صدقيان