عقدت اتحادات رجال الأعمال في المغرب وإسبانيا اجتماعاً مشتركاً في الرباط برعاية الملك الإسباني خوان كارلوس، لبحث فرص العمل المتاحة في البلدين، ما قد يساعد الشركات الإسبانية على تجاوز الوضع المتأزم الذي يعيشه الاقتصاد، نتيجة انكماش النمو وارتفاع البطالة وتدني مجالات العمل وتنامي الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية. ودعا خوان كارلوس في كلمة أمام 130 من رجال الأعمال في البلدين، إلى بناء شراكة مغربية - إسبانية تقوم على التكامل والتضامن، لمواجهة الأزمة الاقتصادية الأوروبية وتحديات العولمة، وإنشاء منطقة رخاء في غرب البحر المتوسط، تستند إلى الروابط التاريخية والثقافية والمصالح الاقتصادية والتجارية. وأثنى الملك الإسباني على النجاحات التي حققها المغرب في السنوات الأخيرة بانفتاحه على الاقتصاد العالمي، وإنجاز إصلاحات كبيرة مقرونة بتحقيق استقرار سياسي وتطور اقتصادي جعله «نموذجاً في المنطقة العربية وفي جنوب البحر المتوسط». وكان الملك خوان كارلوس وصل إلى الرباط في زيارة رسمية على رأس وفد ضم وزراء ومسؤولين مدنيين وعسكريين وكبار رؤساء الشركات الإسبانية، وحظي باستقبال رسمي من الملك المغربي محمد السادس. وتعتبر إسبانيا ثاني أهم شريك اقتصادي وتجاري للمغرب بعد فرنسا، وبلغت المبادلات بين البلدين العام الماضي نحو 11 بليون يورو، ويعمل في المغرب نحو ألف شركة إسبانية في مجالات وقطاعات مختلفة. وتميل التجارة الخارجية لصالح مدريد بنحو أربعة بلايين دولار. وكان المغرب أنشأ ميناءً تجارياً دولياً على الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط شرق مدينة طنجة قبالة الجزيرة الخضراء، ما ساعد الرباط على تقوية حضورها التجاري في البحر المتوسط وانتزاع الاستحواذ من الموانئ الإسبانية، وتزايد المنافسة بين البلدين حول مدخل جبل طارق. وترغب مئات الشركات الإسبانية في الحصول على عقود عمل في مشاريع البني التحتية والطاقة المتجددة والشحن البحري والسكة الحديد والموانئ والطيران والنقل الجوي والبناء والعقار والسياحة والإشغال الكبرى والزراعة والمياه، والتقنيات الحديثة والإعلام، وهي مشاريع تزيد قيمتها على 200 بليون دولار على مدى العقد الجاري، تثير شهية الشركات الأوروبية خصوصاً الإسبانية والفرنسية التي تتنافس اقتصادياً وثقافياً باعتبار أن ربع سكان المغرب في الشمال وأقصى الجنوب يتكلمون الإسبانية. ويعتقد محللون أن الأزمة الاقتصادية الأوروبية قربت بين مدريدوالرباط، وبات ممكناً إحياء مشروع «النفق البحري» الذي يربط بين أوروبا وأفريقيا، ويمر تحت البحر المتوسط، وكان اتفق عليه في عهد الملك الحسن الثاني، وتقدر كلفته بنحو عشرة بلايين دولار. وكانت الأزمة الاقتصادية في إسبانيا دفعت آلاف الشباب العاطلين من العمل إلى الانتقال إلى المغرب، خصوصاً منطقة طنجة للبحث عن مورد رزق. وأبدت السلطات المغربية تسامحاً مع النازحين الإسبان الذين اشتغل بعضهم في البناء والفنادق والتجارة والحسابات ونشاطات خدمية مختلفة. وأصدرت المصالح المعنية نحو 2500 رخصة عمل للشباب الإسبان، وأشارت المصادر إلى أن أعداداً كثيرة من الإسبان يعملون في المغرب ويعودون إلى بلدهم مرة كل ثلاثة أشهر تجنباً لخرق قانون الإقامة.