طمأنت روسيا جيرانها في شأن تنظيمها أضخم مناورات منذ العهد السوفياتي، وأكدت وزارة دفاعها أن التدريبات العسكرية «ليست موجهة ضد أي بلد»، في وقت رجح خبراء أن «عرض العضلات العسكري الروسي يستهدف الصين واليابان، خصوصاً أنها تركزت في أقصى الشرق الروسي وقرب جزر متنازع عليها مع اليابان». وحضر الرئيس فلاديمير بوتين جزءاً من التدريبات البحرية في جزيرة سخالين بالمحيط الهادئ، حيث نقل آلاف من الجنود براً وجواً من أصل 150 ألفاً شاركوا في المناورات، ما دفع كونستانتين سيفكوف، الضابط المتقاعد في هيئة الأركان العامة للجيش الروسي، إلى إبلاغ صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» اليومية ان مناورات سخالين هدفت إلى محاكاة صد هجوم افتراضي من قوات يابانية وأميركية. لكن نائب وزير الدفاع اناتولي انطونوف اكد خلال استقباله ملحقين عسكريين أجانب أن مناورات سخالين جزء من تدريبات قتال عادية. وأكد انطونوف ان روسيا ابلغت جيرانها بالمناورات قبل اجرائها «التزاماً بالأعراف والقوانين الدولية التي تنظم هذه العمليات»، وبينها الصين التي شهدت حدودها البالغة 4300 كيلومتر القسم الأكبر من تدريبات القوات الروسية البرية. لكن الخبراء اعربوا عن اعتقادهم ان المناورات استهدفت توجيه رسالة إلى بكين، في ظل قلق روسيا من تنامي قدرات جارتها، والضعف النسبي لجيشها مقارنة بنظيره الصيني، وكذلك تخوفها من استمرار انخفاض عدد السكان وتغلغل العمالة الصينية بغزارة في مناطقها الشرقية، ما قد يفتح شهية الصين لضم أراض روسية قليلة السكان. وكانت روسيا والصين اعلنتا «شراكة استراتيجية» بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، تلحظ تطوير العلاقات السياسية الوثيقة والاقتصادية والعسكرية في التطلعات المشتركة لمواجهة قوة الولاياتالمتحدة في أنحاء العالم. وكان لافتاً قول خبير عسكري بارز ل «الحياة» ان «المناورات لا تستهدف بلداً معيناً بقدر اختبار القدرات الواقعية للجيش الروسي الذي يمر بأضخم ورشة اعادة تأهيل وتسليح في تاريخه»، علماً ان موسكو اعلنت عن اضخم مشروع لتعزيز قدرات الجيش الروسي بموازنة تتجاوز 700 بليون دولار ستنفق حتى العام 2020. وهي تشمل برامج لتحسين تسليح الجيش ورفع قدراته في مجالات مختلفة، خصوصاً التسلح الصاروخي. ورأى الخبير أن رسائل المناورات «لا تقتصر على الصين أو اليابان، بل تتجاوزهما إلى الولاياتالمتحدة وكل اللاعبين الأساسيين اقليمياً ودولياً»، علماً ان المناورات السابقة التي نظمتها روسيا في آذار (مارس) الماضي، اجريت في منطقة البحر الأسود والبحر المتوسط. وصرح وزير الدفاع سيرغي شويغو بأن «الاستجابة الفورية لأوامر مفاجئة اصدرها بوتين بإطلاق مناورات ضخمة، أكدت الجاهزية العالية التي بلغتها المؤسسة العسكرية» التي زجّت بآلاف من الدبابات الحديثة ومئات من المقاتلات المتطورة من طرز مختلفة، اضافة إلى طائرات استراتيجية ومروحيات نقل وأخرى قتالية.