في الصباح قرأت أن قمر هذا المساء سيكون الأكبر والأجمل في منتصف الليل خرجت للساحة وحينما رأته يوشك أن يختفي وراء الجبل قررت أن تلبس كامل زينتها لتلحق به في الحال. * تذكرت أنها تزوجت في مثل هذه الليلة وأن أمها لم ترقص في عرسها لم تفرح أو تحزن لما حدث بعد ذلك لكنها تذكرت وهي في ذروة الصفاء أن أعمار الزهور والفراشات والأحلام الجميلة قصيرة جداً. * تدرك جيداً أن الطبيب خدعها غير مرة أكد لها أنها لا تشكو من شيء وصرف لها أدوية وهمية لكنها عذرته لقد استشار العلوم والتقنيات الحديثة فحكم على الظاهر. * البيت فيلا أنيقة لكنها محاصرة بالجبل من الشمال ومن غير الممكن أن تتمشى بين أشجار المزرعة الغربية أو أن تطل على مياه الوادي الجنوبي كلما اشتهت ولذا طالما شعرت أنها غريبة هنا!. * كانت مرحة تماماً في طفولتها تحب اللعب مع أخويها الذين يشبهانها وحين تزوج الأكبر وسافر الأوسط أيقنت أنها كبرت ومن غير الممكن أن تلعب مع أحد. * جدتها هي الوحيدة التي كانت تنطق بلسان الزمن ولذا ما إن تتحدث حتى تنصت وتلح عليها كي لا تتوقف ولقد فتنت بحكايتها حين رمت نفسها في البئر سنة زواجها ولأن المحاولة الأولى لم تنجح عزمت على تكرارها.. ولكن بصيغة فعالة هذه المرة. * قرأت بايرون و شيلي وأوسكار وايلد.. وحتى برنارد شو قرأتهم بلغتهم الأجنبية التي أحبتها في الجامعة ولم تتمكن من تدريسها طوال خمس سنوات لكن شكسبير هو من علمها الحكمة تلك الليلة: «أن تكوني أولا تكوني.. هذه هي المسألة». * طبعاً لم يفهم أحد شيئاً من المشهد وجدوها في الصباح مستندة إلى الجدار جسدها الممشوق يتدلى من حديد النافذة العالية ووجهها يشع.. ويكاد يضيء وليس في الغرفة أي أثر للجاني!. * ناقد وشاعر سعودي.