سواء كان الطفل الملكي المنتظر في بريطانيا ذكراً أم أنثى، فهو سيعتلي عرش بلاده يوماً ما، لكن الأمر مختلف في اليابان التي يشترط فيها أن يكون الإمبراطور ذكراً، والتي تعلق آمالها على ولي وحيد للعهد يعول عليه الحفاظ على هذه السلالة الإمبراطورية الأقدم في العالم. في السابع من نيسان (أبريل) الماضي، بدأ ولي العهد الإمبراطوري هيساهيتو عامه الدراسي، مرتدياً زياً موحداً أزرق اللون، ورابطة عنق، ومعتمراً قبعة. وهو تلميذ مجتهد يؤدي واجباته المدرسية بكفاءة، استعداداً للقيام بواجباته الوطنية في السنوات أو العقود المقبلة. وهو ابن الأمير اكيشينو، والحفيد الوحيد لجده الإمبراطور اكيهيتو، والطفل الذكر الوحيد في العائلة، وسيتم عامه السابع في أيلول (سبتمبر). فبعد عمه ولي العهد الأول ناروهيتو، الذي لم ينجب ذكوراً بل أنثى واحدة، وبعد والده ولي العهد الثاني، سيكون هيساهيتو حاملاً شعلة إمبراطورية تعد من الأقدم في العالم. ولد الأمير الصغير في السادس من أيلول (سبتمبر) من العام 2006، وكانت ولادته حدثاً كبيراً في اليابان، إذ لم يكن في صفوف العائلة المالكة التي يبلغ عدد أفرادها 22 شخصاً، سوى ثماني أميرات صغيرات ولم يكن هناك أي طفل ذكر في العائلة. وبحسب القواعد المعمول بها فإن الاميرات مستبعدات عن خلافة العرش، كما أنهن يفقدن صفتهن الإمبراطورية عندما يتزوجن. وعلى ذلك، فإذا بقيت القواعد الملكية على حالها، فإن الأمير الصغير سيكون هو الوحيد القادر على إنقاذ السلالة الحاكمة من الإنقراض إذا ما أنجب ذكوراً. وحتى الآن، يعيش الأمير الصغير بعيداً عن الإثارة الإعلامية، على غرار باقي أفراد العائلة المالكة التي تبتعد في تصرفاتها عن التفاخر والأبهة، والتي يخضع أي ظهور إعلامي لها لإشراف وكالة أنباء البلاط الإمبراطوري. وتقوم هذه الوكالة بدور مهم جداً، إذ إنها تشرف على المظهر والكلام الصادر عن العائلة بدقة، وهنا لا صور مسربة ولا مشاهد مسروقة ولا ملتقطو صور ولا فضائح..كل شيء مقنن ومرتب باشراف الوكالة التي توزع الصور والكلمات واحيانا بعض التعليقات من العاملين السابقين في البلاط مثلاً. كان اليابانيون ينظرون إلى إمبراطورهم هيروهيتو قبل الحرب العالمية الثانية على أنه نصف إله، ولا شك أن سلطات الإمبراطور اليوم وصورته تغيرت عما كانت عليه في تلك الحقبة. فالإمبراطور الصغير، عندما سيعتلي عرش بلاده، لن يكون الحاكم المطلق على اليابان ومستعمراتها، بل سيكون إمبراطوراً يتمتع برمزية كبيرة في المجتمع الياباني ليس إلا. وتنقل وكالة أنباء البلاط الإمبراطوري الياباني أنباء محدودة ومقننة جداً عن الأمير الصغير مثل أنه يمارس رياضة الكاراتيه وركوب الدراجة ويهتم بالحشرات. وهكذا يعيش هيساهيتو في العالم السري الخاص بأباطرة اليابان، تفصله جدران عالية عن الحداثة والسباقات الإعلامية. ويقول أحد العاملين السابقين في البلاط الإمبراطوري: «العائلة المالكة لا يفترض بها أن تسعى للتغيير، إن أفرادها يتكيفون مع حالة البلاد ويعكسون القيم التي يتمتع بها الشعب الياباني».