«مع كل عطلة صيف أعد نفسي بأنني سأمارس الرياضة وأتابع بعض الدورات المفيدة وأذهب في رحلات مع أصدقائي، أو أحاول الحصول على فرصة عمل تساهم في تنمية قدراتي، لكنني عملياً لا اقوم بأي شيء مما قررت. بل أقضي معظم وقتي في الجلوس مع اصدقائي في المقاهي او صالات الانترنت ولا احقق أي من اهدافي». هذا ما يقوله خالد (22 سنة) الطالب في المرحلة الاخيرة في كلية الادارة عن خططه لقضاء عطلة الصيف. ولا يختلف حال خالد عما يعيشه معظم الشباب في العراق بسبب ما تمر به البلاد من اضطرابات سياسية وامنية القت بظلالها على الحياة اليومية. وتشير تقارير حكومية الى ان نسبة الشباب في العراق تصل الى 60 في المئة، يعاني الجزء الأكبر منهم من مشاكل اجتماعية ونفسية ابرز اسبابها البطالة. ويقول محمد البياتي الطالب في احدى الكليات الاهلية (20 سنة): «اقضي معظم أوقاتي في البيت لأننا في بغداد لا نمتلك مكاناً مناسباً لترفيه الشباب او مراكز لتطوير قدراتهم». ويضيف: «لا يوجد غير المقاهي التي يلجأ اليها الشباب لقضاء أوقاتهم». ويعاني الطلبة في فترة العطلة الصيفية من إنعدام دور الجهات المشرفة على فئة الشباب والتي من المفترض ان يتم من خلالها تنفيس طاقاتهم وتوجيهها بالطريقة الصائبة. وغالباً ما يصف المختصون الشباب في العراق بأنهم غير مسؤولين، فيقول استاذ علم الاجتماع محمد الشريف ان «الشاب يبحث عن الترفيه في العطلة الصيفية وليس عما يطور به امكاناته ليكون له دور فاعل في المجتمع»، متغافلين عن دور المؤسسات الرسمية والخاصة في توفير ظروف ملائمة لهذه الشريحة الواسعة من المجتمع. وللإناث مشاكلهن مع العطلة الصيفية والفراغ ايضاً، وتقول بيداء علي، وهي طالبة في كلية الاعلام: «نعاني من فراغ كبير في العطلة. فالشباب الذكور لديهم مجالات أوسع لقضاء اوقاتهم، أما نحن فلا تجد الواحدة منا ما تقضي به وقت فراغها، ولا توجد مراكز صيفية خاصة بالبنات». وتنتقد بيداء «اختزال الاهتمام بالشباب على الذكور فقط»، وتدعو الى «النظر في معاناة الأنثى مع الفراغ والملل ايام العطلة الصيفية». وعند سؤال بيداء وزميلها ايسر محمد عن مدى الحاجة الى سن قوانين قد تخدم الشباب وترعاهم وتساهم في حل مشاكلهم، يقول ايسر: «بالتأكيد نحن بحاجة الى قوانين تؤمن لنا مجالاً اوسع لتنمية قدراتنا وممارسة نشاطاتنا بحرية» الا ان تلك القوانين بحسب ايسر «غير مجدية لأننا محكومون من مجتمع عشائري فضلاً عما تمارسه بعض الميليشيات من ضغوط على شريحة الشباب». ويضيف: «في حال كان ذهابي الى النوادي مسموحاً وفق قوانين الدولة فإن هناك بعض العادات العشائرية او بعض الممارسات الميليشوية تمنعني وهو ما يجعلني اشعر بعدم الحرية». وتتفق مع بيداء الطالبة افتخار حسن في معهد السياحة: «العطلة الصيفية لا تمنحني الا المزيد من الكسل والملل، فأنا أقضي معظم أوقاتي في المنزل ولا اغادره الا نادراً لزيارة الاقارب واقوم بمساعدة والدتي او متابعة الفضائيات لا غير». وتشهد مقاهي الانترنت وبخاصة في اوقات العطلة الصيفية زخماً كبيراً وفق ما يوضح صاحب محل الانترنت في منطقة شارع فلسطين محمد جاسم. ويقول: «في هذه الايام يكثر الفراغ عند الشباب خصوصاً في عطلة الصيف لذلك يشهد المقهى ازدحاماً كبيراً». وعن المواقع الأكثر انتشاراً بين زبائنه يقول: «غالبية الشباب الذين يرتادون المقهى هم ممن تتراوح اعمارهم بين 13 و19 عاماً وبالتالي لا يمتلكون الوعي الكافي لتقدير ما هو مفيد او مضر لهم لذلك يقضون الوقت في التصفح أو اللعب». «فايسبوك» وبعض مواقع التعارف هي المقصد الرئيس للشباب سواء في منازلهم ام في المقاهي وفق جاسم: «اطفال في اعمار صغيرة أصبحت لديهم صفحات خاصة، وبعضهم يقضي على الفراغ بنشر بعض ما يصوره بهاتفه في الشارع او حتى في منزله». وفي غياب أي خطة لاستيعاب الطلاب والشباب صيفاً يبقى التنقل بين المقاهي والمنازل ملاذاً أقل خطراً من النزول الى الشارع في العراق هذه الايام.