لم يعد الشبان السعوديون المقاتلون والانتحاريون، هم المطلوبون فقط للالتحاق في صفوف تنظيم «داعش»، الذي قرر توسعة دائرة الاستقطاب، لتشمل «الهاكر»، بالتزامن مع انتشار ظاهرة اختراق حسابات الأجهزة الحكومية، في مواقع التواصل الاجتماعي. وكان آخرها أول من أمس، من خلال اختراق حساب «أبشر» الخاص في الخدمات الإلكترونية لوزارة الداخلية. وتوالت إعلانات «داعش» خلال الأيام الماضية، عن احتياجه «الماسّ» لأشخاص «ذوي كفاءة عالية» لشغل وظائف عدّة، لا تزال «شاغرة»، في مراكزه الإعلامية. ومن بين تلك الوظائف «الهاكر» الذين يخترقون الحسابات الرسمية للأجهزة الحكومية والإعلامية، للرد على ما تقوم به من نشر «فضائح» التنظيم، ومحاولة السيطرة عليها، وتملّكها، والتغريد بها، من أجل «تشويه سمعة أصحابها أمام متابعيه». ونشرت حسابات إعلامية ل «داعش» في «تويتر»، إعلانات متفرقة عن وظائف شاغرة، وترغب في تعيين «ذوي الكفاءات للعمل فيها». وأعلنت حسابات: «الجبهة الإعلامية لنصرة الدولة الإسلامية»، و»مركز عائشة للإعلام»، «المنهاج الإعلامي» و«الوغى الإعلامي»، رغبتها في توظيف «منشدين، وهاكر ومخترقين، ومبرمجين متخصصين في 3D Max، ومهندسي صوت». ولم توضح كيفية التقدم لتلك الوظائف، أو الشهادات أو الخبرات التي يجب على المتقدم أم يملكها. وشهد أول من أمس، حادثة اختراق حساب «أبشر»، بعدما زيارة «قصيرة» نفذها أحد المخترقين، تنقّل من خلالها بين حسابات عدة تابعة لأجهزة حكومية. ومنها هيئة الإذاعة والتلفزيون بفرعيها في جدة والرياض، إضافة إلى هيئة السياحة والآثار، وحساب رئيسها الأمير سلطان بن سلمان، وموقع جامعة أم القرى، ووزارتي العدل، والخدمة المدنية، وبرنامج «صباح السعودية» في القناة السعودية الأولى. واعتبر «الهاكر» ما يقوم به من عمليات اختراق «أداء لرسالة، من خلال الوقوف بجانب المواطن والالتفات إلى مشاكله»، معتبراً ذلك «شيئاً نبيلاً ومشرفاً ومسعداً»، بحسب ما كتب. واختار «الهاكر» الذي أطلق على نفسه اسم «cyber of Emotion» أسلوب «الانتقاد الجماعي»، من خلال رسالته الأخيرة التي وجهها إلى مسؤولين ووزراء في السعودية. وكان مفرد رسالته «أصلحوا الأوضاع.. وسأصلح ما اخترقته». ولم يخلُ حديثه من «الثناء وردّ الجميل»، إذ دشن تغريداته بتقديم «الاعتذار» عن اختراقه الحساب، لافتاً إلى أن لديه «انتقاداً وتعقيباً» يريد إيصاله لمن له الشأن، واعداً ب «إعادة الحساب كما كان، إضافة إلى تعزيز حمايته». واعتبر «الهاكر» أن ما قدمته الجوازات من خلال نظامها الجديد «أبشر» «خطوة تطويرية يجب أن تقتدي بها الإدارات الأخرى». ولفت إلى أنها «أحد الأمثلة التي تستحق الفخر بها»، لافتاً إلى ما تقوم به من «تسهيل إجراءات المواطن ومساعدته قدر الإمكان، في معالجة مشكلاته». وأشار إلى أن «مشكلات الوزارات في ازدياد، إضافة إلى عمل القائمين عليها»، مؤكداً أنه «لا يوجد متضرر من ذلك سوى المواطن، الأمر الذي يعتبر ظلماً»، وذلك ما دعاه للاختراق. واتهم وزراء ب «قلّة العطاء، وتقليل الفرص والتجاهل تجاه المطالبات». ونالت وزارة التربية والتعليم نصيباً من «الانتقاد اللاذع»، إذ وصفها ب «نقض العهود». فيما واجهت وزارة الصحة تهمة «زيادة الأوبئة وكثرة المشكلات». واعتبر وزارة الشؤون البلدية «ذات فساد بسبب الحفر في الطرق». واتهم وزارة العمل ب «توفير الوظائف للوافدين، بدلاً من المواطنين». ولفت إلى أن هذه الوزارة «أنشئت من أجل خدمة المواطن في المرتبة الأولى. ولكننا لم نر سوى العكس». متخصص: «حربنا تقنية» .. و«الهاكر» يهددون اقتصاد الدول فيما أبدى اختصاصي في مجال التقنية والاتصالات خشيته من أن يكون «الهاكر» تابعاً لأحد التنظيمات أو الجهات الإرهابية، مؤكداً أن الحرب الآن «تقنية». ولفت إلى أن فئة من «الهاكر» يعملون على تطوير أنفسهم بجهد ذاتي، مؤكداً أن «بعضهم يملك جانباً خيرياً، إضافة إلى بعض أفعاله التي منها التعدّي على حدود الغير». وكشف أن توثيق الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعية «لا يحميها من الاختراق»، مطالباً بسعي الجهات تلك إلى «تفعيل حمايتها بشكل أكبر، وامتلاك «دومين» خاص بها». وأوضح الاختصاصي في مجال التقنية والاتصال منصور الشلبي ل «الحياة»، أن ما يحفظ هويّة الشخص ومعلوماته ويحفظ حسابه من الاختراقات هو «الدومين» الخاص به، بالاشتراك المباشر مع الشركة المستضيفة. ولفت إلى أن إنشاء اسم مستخدم ورقم سري جديد بشكل يومي في مواقع التواصل الاجتماعي «لا يعتبر حماية». وأشار إلى أن الحسابات الموثقة في «تويتر» يمكن اختراقها، ولا يمكن استرجاعها مرة أخرى. وكشف أن خطورة فئة «الهاكر» تكمن في «ضربهم اقتصاد الدول من خلال الاختراقات التي تتسبب في خسائر مادية لها». واعتبر ذلك «حرباً تقنية». وقال: «تصل عقوبة «الهاكر» إلى المقاضاة بالسجن المؤبد»، موضحاً أن «الاختراق لا يعتبر تضييعاً للوقت، لأن الخسائر التي قد يخلّفها تصل إلى البلايين». وأشار إلى أن بعض الهاكر «تديرهم جهات إرهابية تستهدف قواعد وجهات معينة». وأوضح أن الهاكر يقومون ب «تطوير أنفسهم بجهد ذاتي، ولا يقوم أحد بتدريبهم». وأشار إلى أن بعضهم «مصنفّ لعمل الخير، إذ تقوم بعض الجهات مثل هيئة الأمر بالمعروف ووزارة الداخلية، بالاستعانة بهم، لسد الثغرات وعمل معالجة وحماية وحجب المواقع الإباحية والمسيئة». وذكر أن «كلفة الحماية في دول الخليج تقدّر بحجم السيرفر للمؤسسة، وعدد موظفيها، ويصل إلى ملايين الريالات، موضحاً أن بعض الشركات اشترطت أن يكون المتقدم لها «يملك وعياً في أمور الشبكات والحماية».