تتوافد باستمرار مجموعات من مجهولي الهوية إلى منطقة جازان، قادمين من دول مجاورة عبر أشخاص مأجورين لغرض امتهان التسول، خصوصاً في شهر رمضان، ما يدر عليهم أموالاً طائلة من أهل الخير في أماكن تمركزهم، مثل المساجد والأسواق وإشارات المرور وغيرها، وبقليل من المال أغرينا بعضهم للكشف عن حقيقتهم وحيلهم في التسول. وها هو طفل يبلغ من العمر 6 سنوات بجوار إشارة مرور ضوئية يقول: «يا عم أمي طاحت من الجبل وماتت، وأبي مسجون منذ سنتين، وليس لي أحد غير الله»، وعند استدراجه وإغرائه ب50 ريالاً في مقابل إدلائه بمعلومات عمن يقف وراءه، تردد في البداية ونظر يمين الإشارة، وإذا بشخص يجلس على درج إحدى الصيدليات يراقب الوضع، وعندما لاحظناه اتجه لموقع آخر، وحين اختفى أكمل الطفل: «سأخبركم وأعطيه ال 50 من دون أن يدري بما جرى وإلا سيضربني ولا يعطيني العشاء». وتابع: «ان الذي رأيتموه رئيسنا، ونحن 21 طفلاً جاء بنا من اليمن لنعمل لمصلحته، ويطلب منا 300 ريال يومياً وبعدها يذهب بنا للمنزل ليعطينا ساندوتشاً وعصيراً، وإن لم نحصّل المبلغ يجبرنا على البقاء، حتى نجمع اكبر قدر من المال». وعند سؤاله عن والديه أجاب: «لا أعرفهم فقد تربيت عند أناس في اليمن، وكان هذا الرئيس يأتي عندهم بين فترة وأخرى». أما الحيل التي يستخدمها المتسولون لجمع القدر الأكبر من المال، فهي عدة منها متسول يمثل بأن يده مقطوعة من الكتف، وفي الحقيقة يقوم رئيسه بلف يده للخلف، ويقوم بلف لاصق على يديه وصدره، لكي لا تتحرك وينكشف أمره، وشاب أعرج يمشي على عكاز، وأثناء مشاهدته لدورية أمن يترك عكازه ويطلق ساقيه للريح هارباً. ثم التقينا برجل عجوز (70 عاماً) عند محطة وقود، حاولنا استدراجه وإغراءه بالنقود لنعرف ما قصته الحقيقية، ولكن لم يقل سوى «لا يوجد عندي مال وأنا مقطوع من شجرة»، ثم راقبناه إلى أن حل الظلام ليتجه لإحدى المزارع، وبعد أن تأكد من خلو المارة أخذ يحفر حفرة عميقة ويخبئ ما جمعه فيها، وعندما رآنا أسقط في يده واشترط لإخبارنا بحقيقته عدم إخبار أحد وعدم تصويره في الموقع، فطأطأ رأسه قليلاً، وقال: «لي ثلاثة أبناء وبنتان، جميعهم متزوجون ولديهم تجارة وحالهم ميسورة، حاولوا إقناعي بالجلوس في اليمن وإعطائي مبلغاً شهرياً، إضافة إلى امتلاكي لعمارة من ثلاثة ادوار، ولكنني رفضت البقاء هناك، إذ يبدو أنني أدمنت وتعودت على هذا الحال». وبالنسبة للنساء، فلهن حضور كثيف ووقع أكبر على قلوب الناس، فبعد إغراء إحداهن بالمال اعترفت بأن الطفل الذي معها ليس ابنها بل ابن جارتها وتأخذه معها في مقابل نصف المبلغ. أما المواطن عيسى الأكشم فيقول: «نلاحظ مع بداية دخول شهر رمضان تدافع العشرات من المتسولين المجهولين، ما يزيد قلق ومخاوف الأهالي من حدوث سرقات ونقل الأمراض من الدول المجاورة»، ويشير يحيى العقيل إلى أن متسولتين دخلتا لمنزله وخرج هو من الباب المقابل لكونهما نساء، وحين وجدتا المنزل خالياً سرقتا مجوهرات زوجته وبعض المال. وأوضح الناطق الإعلامي في شرطة منطقة جازان المقدم عوض القحطاني، أن شرطة جازان وبالتعاون مع جهات معنية بدأت في تنفيذ خطط لتكثيف الحملات الأمنية والميدانية للحد من ظاهرة التسول في شهر رمضان المبارك، وان الجهود الميدانية الأمنية أسفرت عن القبض على الكثير من مخالفي نظام العمل والمتسولين، حاثاً الجميع على عدم التعامل معهم والإبلاغ عنهم. من جهته، أوضح مصدر مسؤول في جوازات جازان، أن هناك دوريات تلاحق المجهولين والمتسولين، وتم تكثيفها في شهر رمضان، ليتم ترحيلهم بعد الانتهاء من إجراءاتهم.