بيروت - رويترز - بعد نحو ثلاثة أشهر من الانتخابات البرلمانية مازال لبنان من دون حكومة. السياسيون يتشاحنون والتحالفات اعيد تشكيلها والحلفاء الخارجيون تدخلوا لكن البلاد لم تقترب من اداء أي حكومة جديدة اليمين القانونية. وفاز تحالف 14 آذار (مارس) بزعامة رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من حزيران (يونيو). وكان حريصا منذ ذلك الحين على تشكيل "حكومة وحدة وطنية" تضم المعارضة بزعامة حزب الله. وفيما يلي نظرة الى السبب في ان هذه العملية استغرقت هذا الوقت الطويل. - ما الذي تم الاتفاق عليه حتى الان؟ اتفقت التحالفات المتنافسة في تموز (يوليو) على شكل الحكومة القادمة بما في ذلك تقسيم مقاعد الوزراء الثلاثين وهي مهمة دقيقة تشمل مبدأ اقتسام السلطة على اساس طائفي. وبصفة اساسية يحصل تحالف 14 آذار "السني" الذي يتزعمه الحريري على 15 مقعدا بينما خصص لحزب الله "الشيعي" وحلفائه في تحالف 8 آذار (مارس) عشرة مقاعد وزارية. وسيكون للرئيس ميشال سليمان القول الفصل في الحكومة من خلال السماح له بترشيح خمسة وزراء. - لذلك ما الذي يعوق تشكيل الحكومة داخليا ؟ ميشال عون زعيم المعارضة المسيحية وحليف حزب الله متمسك بالاحتفاظ بوزارة الاتصالات ووزيرها الحالي هو صهره جبران باسيل. لكن الحريري وآخرين في تحالف 14 آذار لديهم اعتراض قوي على رئاسة باسل هذه الوزارة لانه خسر في الانتخابات. كما ان الحريري حريص على كسب هذه الحقيبة لتحالفه لكي يشرف على خطة متعثرة منذ فترة طويلة لخصخصة قطاع الاتصالات. ويتوقع ان يحصد بيع شركتي محمول مملوكتين للدولة مبالغ تصل الى سبعة مليارات دولار ستستخدم على نحو ما في تخفيف الدين العام الذي يعرقل لبنان ويبلغ 48 مليار دولار. كما يصر عون الذي خصصت له خمسة مقاعد وزارية في الحكومة القادمة على الحصول على واحد من المناصب الوزارية الرئيسية. وهو يريد وزارة الداخلية التي سيقرر الرئيس سليمان من يشغلها. لكن الحريري يعارض بشدة طلب عون. ومما يزيد من التشوش وليد جنبلاط زعيم الدروز الذي كان في وقت من الاوقات أحد أعمدة تحالف 14 آذار ونأي بنفسه في الشهر الماضي عن التحالف مما خلق شرخا كبيرا في الخريطة السياسية للبلاد مقوضا فوز 14 آذار في الانتخابات. - وماذا عن العوامل الخارجية التي أسهمت في تعثر تشكيل الحكومة ؟ قد تكون هذه العوامل غامضة بعض الشيء لكن توجد تفسيرات قليلة محتملة. بعد الانتخابات مباشرة عقدت عدة جولات من المحادثات بين السعودية وسورية اللتين تؤيدان التحالفين اللبنانيين المتنافسين للتوصل الى اتفاق بشأن تشكيل الحكومة. وهذه المحادثات سلطت الضوء على نفوذ الدولتين على فريقي 14 آذار و8 آذار اللذين تحالف زعماؤهما تاريخيا مع قوى اقليمية ودولية متنافسة. في البداية نسب الفضل الى المحادثات في سرعة التوصل الى صيغة اقتسام المناصب الوزارية "15-10-5" واجبار حزب الله على التخلي عن مطلبه بأن يكون له حق النقض (الفيتو) في الحكومة. وكان هناك تفاهم بأن العاهل السعودي الملك عبد الله سيزور الرئيس السوري بشار الاسد بمجرد اداء الحكومة اللبنانية الجديدة اليمين القانونية لتأكيد التقارب. بل جري الحديث أيضا عن ان الحريري سيزور سورية التي "اتهمها" باغتيال والده رفيق الحريري في عام 2005 .غير ان المحادثات توقفت فجأة في تموز (يوليو). ويقول خبراء اقليميون ان سورية وبالتالي حزب الله ربما يستخدمان عون واعتراضاته المتعددة على تشكيل الحكومة كوسيلة تكتيكية للتأخير. - مع كل هذه التعقيدات هل هناك نهاية في الافق ؟ الموعد الكبير الذي يجب متابعته هو اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة الذي يبدأ يوم 23 ايلول(سبتمبر). قال الرئيس سليمان انه يريد ان يرأس وفدا يضم الحريري كرئيس وزراء عندما يتوجه الى نيويورك. ويريد الحريري حضور افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا بالقرب من جدة فور انتهاء اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة بصفته رئيسا للوزراء. - ما هي مخاطر حدوث مزيد من التأخير؟ يخشى البعض من ان مواجهة ممتدة بشأن تشكيل الحكومة يمكن ان تذكي التوترات الطائفية التي كثيرا ما أشعلت العنف في الشوارع في الماضي مما يبعد المستثمرين ويعرقل قطاع السياحة الرئيسي. والحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال ولذلك لا يمكنها اتخاذ أي قرارات اقتصادية أو مالية أو سياسية. ولذلك في الوقت الراهن كل شيء متوقف سواء التعامل مع الخصخصة والقضايا الاجتماعية الملحة الاخرى.