بات واضحاً أن أداء الإدارة الأميركية تجاه قضايا الشرق الأوسط خلال الأعوام القليلة الماضية هو الأسوأ في تاريخ الولاياتالمتحدة، فإذا تجاوزنا ما هو معروف عن ضعف أداء «الديموقراطيين» في السياسة الخارجية بشكل عام، يمكننا اكتشاف أن هناك تياراً داخل الإدارة الأميركية الحالية مهووس بالارتماء في أحضان «التنظيمات والأحزاب الإسلاموية» لأسباب كثيرة، منها الاعتقاد الخاطئ بشعبية هذه التنظيمات في دول العالم الإسلامي، وهو اعتقاد تقف خلفة التقارير المضللة لبعض سفارات واشنطن وحلفائها في العواصم العربية. سقوط تنظيم الإخوان شعبياً وسياسياً في مصر، الذي أدى أخيراً إلى الإطاحة بمرسي استجابة لرغبة أكبر تجمع بشري في التاريخ، وضع إدارة أوباما في مأزق كبير ومواجهة صادمة مع الحقيقة التي ظلت تتجاهلها طويلاً، ما أوقعها في حال استنكار مبدئية دفعتها إلى التلويح بوقف الإعانة المقررة لمصر، وهو أمر استدعى، كما يبدو، تدخل لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس على خط الأزمة ببيان «إنقاذ» للسياسة الأميركية من السقوط في هاوية الكراهية الشعبية السحيقة لدى شعوب الشرق الأوسط. هناك سؤال يتردد في أروقة السياسة الأميركية حالياً عن مدى تورط إدارة أوباما في تمويل أحزاب وتنظيمات إرهابية من أموال دافعي الضرائب الأميركيين، ومن المرجح أن يُفعّل هذا السؤال شعبياً داخل الولاياتالمتحدة خلال الأشهر القليلة المقبلة بدعم من الصقور «الجمهوريين» الذين أحبطتهم سياسة حكومة أوباما وباتوا يعتقدون أنها تنسف، إن لم تكن نسفت فعلاً، صورة أميركا ك«شرطي العدالة» في العالم، وهذا سيقود الإدارة الحالية إلى مسارين لا ثالث لهما، إما التراجع خارجياً والانكفاء على الشأن الداخلي خلال المدة المتبقية من رئاسة أوباما، أو الانقلاب تماماً عن الخط الذي تسير فيه خارجياً، وفي هذه الحال ستجد نفسها أمام ملفات معقدة تحتاج لمشرط جراح سياسي ماهر لينقذ صورتها التي تلطخت بشكل مريع. يقابل الفشل السياسي الكبير لإدارة أوباما في الشأن المصري، بزوغ للمحور الشرقي متمثلاً في موسكو، التي بثت خلال الأيام الماضية رسائل مبطنة للشعب المصري عبر تصريحات مساندة تماماً لإرادته في التخلص من حكم «تنظيم الإخوان»، بل إن تصريحاً منسوباً للرئيس الروسي نُشر قبل أسابيع سخر فيه من مرسي وتنبأ بسقوطه قبل سقوط بشار الأسد، أصبح متداولاً على نطاق واسع بين المصريين الذين يبحثون بشدة عن حلفاء أقوياء للجماهير المصرية لا حلفاء لجماعة دينية فاشية تريد أن تتسلط على رقابهم بلعبة «الصناديق». لا شك في أن أزمة دعم «الإخوان» في واشنطن لا تزال في بدايتها، وربما لم يظهر من جبل الجليد إلا رأسه حتى الآن، لكن تفجيرها شعبياً كفضيحة سياسية داخل الولاياتالمتحدة يبقى منوطاً بنجاح الجمهوريين في عرض أدلتهم وتسويقها جيداً على دافع الضرائب الأميركي، وكل الظن أنهم سينجحون في ذلك. [email protected] @Hani_Dh